افتتاح معرض التشكيلي السوري المغترب إبراهيم جلل
في غاليري رافيا
بحضور كثيف من مبدعي الفن التشكيلي السوري ومحبيه، شهدت غاليري رفيا بدمشق مساء الاثنين 1 تشرين الأول 2010، افتتاح معرض تشكيلي للفنان السوري المغترب إبراهيم جلل.
قدم الفنان إبراهيم جلل عدة أعمال تشكيلية اتسمت بالتجريد كمنهج تشكيلي برع من خلاله في تقديم رؤية لونية مختزلة لما تحتويه ذاكرته المتقدة بأطياف لونية تعود لطفولته الأولى في قرية كفر نبل بالقرب من معرة النعمان في محافظة إدلب.
هناك اكتشف الفنان عشقه للفن وما له من تأثير كبير في عالمه الداخلي، ليصبح الرسم تعويضاً وبديلاً لشيء ضاع منه بفقدانه لوالدته، هكذا بدأ إحساسه بالجمال، وخاصة أن والده كان يحيك القماش على النول، كما كان بيت الفنان إبراهيم جلل قبلة لنساء القرية والجيران، يأتين للعمل سوية في نسج الأطباق الكبيرة من القش الملون.
التشكيلي إبراهيم جلل
وكما يقول الفنان إبراهيم جلل: «زد على ذلك أن النساء كانت في بيوتنا الريفية من منطقة جبل الزاوية تقص قطعاً صغيرة من القماش الأسود والملون، ليلصقنه على مادة الحوار الأبيض الداخلية لجدران بيوتهن، في تكوينات وأشكال نباتية وحيوانية»، لينهي الفنان فكرته بالقول: «هكذا عشت طفولتي في جو من الألوان الجميلة الفرحة».
تابع الفنان إبراهيم جلل دراسته للمرحلة الإعدادية في معرة النعمان، حيث شهد هنالك بازاراً يوم السبت وزواره من البدويات ولباسهن المميز: «المشهد الذي كان يجذبني أكثر من غيره في ذلك اليوم هو ألوان ثياب البدويات المخملية الملونة والساطعة تحت أشعة الشمس مع ما يحملن على رؤوسهن من زينة وألوان، لذا كنت في سوق المدينة أراقب اكتظاظ الناس، وحركاتهم بملابسهم الملونة المزخرفة بالحرير على ثياب النساء، لقد أثّرَت هذه الألوان في ذاكرتي البصرية حتى أصبحت مرجعاً وستبقى هكذا».
وفي عام 1969 انتقل الفنان إبراهيم إلى
دمشق للدراسة في كلية الفنون الجميلة تحت إشراف الفنانين
محمود حماد،
فاتح المدرس، و
الفنان الياس الزيات. حيث حصل على شهادة الدبلوم عام 1973 لينتقل إلى باريس، حيث تم قبوله في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، وعمل هناك في مشغل الفنان سانجييه.
التشكيلي الياس الزيات
من جانبه يقول الفنان التشكيلي الكبير الياس الزيات عن الفنان إبراهيم جلل: «إن الإشارات والدلالات الآتية من المخزون الروحي لإبراهيم جلل هي وبلا شك عامل مساعد في تحليلنا لإنتاج الفنان التجريدي - موضوع معرضه الحالي- فبالدرجة الأولى هو عارف بعلم اللون وتقنية استعمالاته في اللوحة، ومتمكن من ذلك بأريحية، ثم إن العارف بأصول حركة الريشة في الرسم وفي ضبط تنظيم العناصر على سطح اللوحة، يدرك لدى تأمله للوحات إبراهيم جلل كيف يطرح عناصره في نظام مربع أو دائري، وفي ذلك خصب في الزركشة بما يوحي ببيوت مؤنسنة ونباتات، أو يوحي بقامات مليحات تملأ الفراغ، هذا الفراغ الذي تحيكه نبضات اللون الأحمر أو الأزرق أو الأصفر أو تحيكه مجموعة اللون المخملية المشبعة».
ويضيف الفنان الياس الزيات: «إنه تجريد تأملي لأنه يلامس المحسوس بتصعيد إلى سمو لوني، تختلج فيه نبرات اللون الحية، أضف إلى ذلك أصالة في الطرح بمعنى أن إبراهيم جلل يأتي بفنه من أعماق ذاته غارفاً من المخزون الروحي ومن ذاكرة الحنين وإشراقات البصيرة، فثقافة الرؤية المعاصرة التي يتحلى بها هذا الفنان بمفعولها النافذ إلى جوهر يسكن في ما وراء الشكل الخارجي للمنظورات، هي ركن أساسي في بناء كل واحدة من المجموعة التي يعرضها اليوم علينا، وفي تحولات اللون بصياغة متقنة وإدراك مقتدر».
التشكيلي عبد الله مراد
من جانبه يعود الفنان التشكيلي
عبد الله مراد إلى أيام الدراسة التي جمعته مع الفنان إبراهيم جلل فيقول: «تعود معرفتي بالفنان إبراهيم جلل إلى أيام الدراسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق، ومنذ تلك الأيام والفنان إبراهيم يعمل بشكل جدي وبكل إخلاص لمشروعه التشكيلي الذي نضج في العاصمة الفرنسية، فما أشهده في هذه الأعمال هي حصيلة لما ذكرت سابقاً من خلال فهمه العميق لأسس التجريد إضافة لتأثره بالحركة التجريدية الباريسية ذات الألق والحيوية، وفي هذه التجربة نلاحظ هذا المزيج بين رؤاه وحنينه إلى مسقط رأسه وبين ثقافته البصرية التي اكتملت في فرنسا».
يذكر أن المعرض مستمر لغاية 24 تشرين الثاني 2010، في غاليري رفيا، 26 بوليفارد دمشق، فندق فورسيزنز.
مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية