تتواصل عروض مسرحية «براسكوفيا حرة» على مسرح الحمراء عن نص «مكان مع الخنازير» للكاتب أثول فوغارد وإخراج الفنان فؤاد حسن الذي ذهب في هذه التجربة نحو الخيار الكلاسيكي في تقديم أحداث عمله للمسرح القومي متكئاً على حذافير النص المترجم وفق بيئة العمل الأصلي الذي تعرض فيه للإنسان في ظل الحرب وما تتركه من آثار دامية عليه عازلة إياه حتى عن محيطه الصغير.
وتروي مسرحية «براسكوفيا حرة» حكاية الجندي «بافل» الذي فر من المعركة هارباً إلى بيته مختبئاً لمدة عشر سنوات بعد أن تم اعتباره شهيداً من قبل سكان قريته حيث يعيش حالة من صراع بينه وبين نفسه جراء اختبائه في حظيرة الخنازير ببيته ليكون الحوار الوحيد المتبقي له هو مع زوجته «براسكوفيا» التي يضعها اختفاء زوجها في مأزق أخلاقي مع سكان قريتها لأنها بنظرهم أرملة لتعاني بدورها من تناقض حاد مع ذاتها جعلها هي الأخرى غريبة عن محيطها وفي ازدواجية لا تحسد عليها.
ارتكز العرض على شخصيتين هما «بافل» الذي أدى دوره الفنان أسامة جنيد و«براسكوفيا» التي أدت دورها الفنانة لميس عباس وبظهور خاص للفنان خوشناف ظاظا ليكون الجمهور أمام عرض مسرحي متماسك من حيث بنائه الدرامي وشخصياته التي تعيش صراعها على الخشبة وفق مونولوجات حارة رافقتها موسيقا الفنان حسام بريمو بحساسية لافتة اعتمدت على آلة التشيللو في أغلبها تاركة المساحة لديكور ريم الخطيب التي ذهبت هي الأخرى نحو خيار النص الأصلي معتمدة في ذلك على الحبال والأخشاب لتصميم سينوغرافيا خاصة ببيئة الشخصيات في مسرحية «فوغارد» المعروفة.
وتميز العرض الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقا بقربه من الجمهور لما حمله من شحنة إنسانية عميقة تجلت عبره مواجهات عدة بين الحب والواجب مشيراً إلى حجم الضغوط التي يخضع لها الإنسان في أوقات الحروب والأزمات الكبرى وصولاً إلى تشريح هادئ للشخصيات وتصعيد صراعها الداخلي نحو مستويات من التطهير الأرسطي في استعراض تقلبات الشخصية التي برع الممثلان في إظهارها على الخشبة ساعدتهما في ذلك أزياء مارال ديرأكيليان.
مخرج العرض الفنان فؤاد حسن قال على بروشور العرض.. «أيتها المخلوقة الجميلة الملونة.. أتوسل إليك أن تحملي قبضة من روحي.. وخفقة من قلبي إلى ضوء الشمس.. فلتكوني خلاصي أيتها الفراشة الجميلة.. فلتكوني خلاصي».
بالمقابل تلقى الجمهور هذه النوعية من العروض باهتمام بالغ محيلاً هذه التجربة إلى الواقع الراهن في محاكاة تركت الباب على إسقاطات عديدة دون أن يلجأ المخرج حسن إلى المباشرة في الخطاب المسرحي بل إلى التعويل على قوة الإشارة والاشتغال على الممثلين وفضاء اللعب الذي كان هو الآخر بمثابة دلالات كثيفة تركت المساحة لقراءات متعددة في هذا العرض.
يذكر أن عرض «براسكوفيا حرة» مستمر حتى العشرين من الشهر الجاري الساعة السادسة مساء على خشبة الحمراء وشارك فيه كل من /رامي سمان مساعد مخرج وريم الخطيب ديكور وإضاءة بسام حميدي وملابس مارال ديرأكيليان وتصميم إعلان كريم هواش وتصميم الرقصة جمال تركماني وتصوير فوتوغرافي يوسف بدوي وتنفيذ فني للديكور دلال زلفتة وتنفيذ إضاءة عماد حنوش وتنفيذ صوت راكان عضيمي ومدير منصة عمر فياض ومساعد مدير منصة سمير أبو عساف ومسؤول إكسسوار أحمد عبد الغني ومسؤول ملابس عماد الدين سعيدان.
اكتشف سورية
sana