معرض جماعي لفناني السويداء في صالة الشعب
22 شباط 2010
لا زالت أعمال عصام الشاطر وعبد الله أبوعسلي ومنصور الحناوي تهجس بالواقعية، بينما يذهب شادي أبو حلا وأيمن فضة رضوان إلى التماس تعبيرية أكبر، وتبقى منحوتات عادل خضر وفؤاد أبو عساف شاخصة بواقعية ملامحها أحياناً وتعبيريتها أحياناً أخرى.
هذه أبرز الملامح التي تظهر للمتلقي في المعرض الجماعي لفناني السويداء المقام حالياً في صالة الشعب.
المجموعة التي اعتادت سنوياً العرض والاجتماع في نفس الصالة، اعتاد جمهورها أن يرى في أعمالها ملامح لواقعية جديدة بدت تثبت ذاتها في ساحة الفن التشكيلي السوري.
أعمال منصور الحناوي التي تحتل فيها العناصر المعمارية أساساً واضحاً يستند عليه الفنان لإبراز قدرته التصويرية العالية، فيأخذ عمارة الريف الجبلي في السويداء بحجارته البازلتية وفرادة بنيانه أنموذجاً في أعماله، إضافةً إلى أحياء دمشق القديمة التي عرف كيف يلتقط حساسياتها في حالات طبيعية مثل «وقت الغروب» أو «أثناء تساقط المطر»، منجزاً أعماله التي حاكت الطبيعة من خلال عجائن لونية مشرقة، إضافةً إلى مجموعة لوحات كان قد بدأ بها مؤخراً وتبرز فيها الخيول العربية موضوعاً أساسياً.
بينما نحا عبد الله أبو عسلي إلى الطبيعة المفتوحة المناظر، الموحية بألوانها المتعددة، والتي تنقل الواقع بحساسية التشكيل والقدرة على استخدام حركة الفرشاة في العمل على سطح اللوحة، وأضاف إليها عدداً من اللوحات التي برز فيها الدجاج كعنصر أساسي في العمل، وهنا تبرز ملامح تجريدية خالصة في زوايا من اللوحة لو عُزلت عن باقي المكونات بينما تبقى واقعية في شكلها الكلي، إلى جانب هذا قدم أبو عسلي مجموعة من اللوحات صغيرة الحجم التي لم يخرج فيها عن مواضيع الطبيعة كثيراً مستخدماً قدرته التقنية في العمل على السطوح الصغيرة.
ومع عصام الشاطر تستكمل الواقعية حصتها من الأعمال المقدمة، فاستطاع أن يعالج الطبيعة الصامتة في مجموعة من اللوحات بحساسية منتقاة، وبقدرة عالية على إبراز دور الظل والنور في تحديد المنظر الذي يرسمه على سطح اللوحة، والتقاط خصوصية اللحظة التي يريد إظهارها للعيان.
أما أيمن فضة رضوان فلا زالت العناصر اللونية هي المميز الأقوى لتجربته الفنية، ليظهر فيها أثر البيئة الطبيعية من خلال اختياراته اللونية التي تميل إلى محاكاة الألوان القوية المشرقة، وتتجلى تعبيريتها من خلال الأجساد والشخوص التي يوظفها في اللوحة، ساعياً من خلالها إلى التأكيد على اهتمامه الدائم بالإنسان والجسد الإنساني وهو ما غدا معروفاً بالنسبة إلى متتبعي أعمال أيمن فضة رضوان.
وفي نفس الأسلوب الذي يقدم فيه رضوان مجموعة أعماله يقدم شادي أبو حلا أعمالاً تنحو نحو التعبيرية أيضاً، مع فارق التقنية الواضحة، مستخدماً الحفر لينقل من خلاله إحساساً غرافيكياً عالياً في العمل الفني، بالاستناد أيضاً إلى موضوع الجسد معالجاً إياه في حالات إنسانية موحية، تقدم إحساساً واضحاً بالعوالم الداخلية للذات الإنسانية، وعلى نفس الجدار يعلق أبو حلا لوحاتٍ أكثر إيحاءً بالإيروتيكية، ساعياً من خلال مجمل ما قدمه إلى إثبات المرحلة التي وصلت إليها تجربته (الحديثة نسبياً) بالمقارنة مع الأسماء التي يشاركها المعرض.
بينما يعكف كل من فؤاد أبو عساف وعادل خضر إلى معالجة خامة البازلت التي غدت هوية مميزة لنحاتي السويداء، لتحمل أعمالهم شيئاً من صلابة المادة الأولية وخشونتها من خلال القسمات والتعابير القوية والحادة التي تحملها المنحوتات، إضافةً إلى مجموعة من الأعمال المنجزة بالاعتماد على خامات أخرى مثل الرخام والخشب وفيها يعمل الاثنان على إبراز قدرتهما في تطويع الخام أو المادة الأولى، كي تولد منها كتلةً في الفراغ، محاكين في أعمالهم الجسد الإنساني وبعض الأشكال الحيوانية.
في مجموعة الأعمال التي يحويها المعرض تبرز ملامح حقيقية لتجارب فنية استطاعت من خلال ما قدمته أن تعطي مثالاً عن تيار هام في الحركة التشكيلية السورية وهنا يمكن الاقتباس مما كتبه الناقد التشكيلي الدكتور عبد العزيز علون في تقديمه للمعرض: «تسترعي انتباهنا قيمة المشاركة الجماعية لممثلي الواقعية الجديدة ونقرأ في تطورها ظهور تيار مهم جاء ليرفد التيار السوري في مرحلة ما بعد الحداثة ونلاحظ أن الألوان المشرقة والملامح الواضحة في تصوير الشخوص هما السمتان البارزتان في أعمال هؤلاء الفنانين».
عمر الأسعد
اكتشف سورية
من المعرض الجماعي لفناني السويداء في صالة الشعب |
من المعرض الجماعي لفناني السويداء في صالة الشعب |
من المعرض الجماعي لفناني السويداء في صالة الشعب |