الدكتور عفيف بهنسي ينال جائزة الفنون والآداب من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
22 شباط 2017
.
فاز عالم الآثار السوري والباحث في الجماليات الدكتور عفيف أحمد رفيق البهنسي بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لعام 2016، في مجال الفنون والآداب – دراسات في الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية، نظير الدراسات المعمقة التي أجراها وتناولت الجوانب الجمالية المميزة في التراث العربي وفي الواقع العربي المعاصر ولاسيما الاهتمام بالفن الإسلامي والعربي.
يذكر أن «جائزة الكويت» أنشئت عام 1979 تماشيا مع أهداف مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وتحقيقا لأغراضها في دعم الأبحاث العلمية بمختلف فروعها وتشجيع العلماء والباحثين العرب.
«اكتشف سورية» التقى د.البهنسي ليحدثنا عن استحقاقه لهذا التكريم وهذه الجائزة التكريمية الكبيرة حيث قال لنا:
«جائزة الكويت للتقدم العلمي تقام سنويا، ويتم اختيار مواضيع محددة لمنح ثلاثة جوائز في كل عام، تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وهي الآن في عامها الأربعين، يتضمن توزيع جوائز تكريمية في شتى المجالات العلمية والأدبية، وعليه فقد قرر مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتاريخ 19 تشرين الأول 2016، منحي الجائزة في مجال الفنون والآداب – دراسات في الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية.
ولا بد من التنويه انها تعتبر من أكبر الجوائز التي تُمنح على المستوى العربي حيث تشرف عليها جهات حكومية متمثلة برئيس دولة الكويت الذي قام بتسليم الجوائز بيده شخصياً ضمن حفاوة تتناسب مع هذا التكريم، لمست محبة وتقدير شعب الكويت للسوريين من خلال الإقبال الشديد على المحاضرات والندوات التي ألقيتها.
كانت محاضرتي تتعلق بالآثار بعنوان "تاريخنا من الحكاية إلى علم الآثار"، فمن خلال معاناتنا على مدار عشرين عاماً قد برهنت لي التجربة من خلال عملي سابقاً كمدير عام للآثار والمتاحف أن المكتشفات الأثرية قادرة على تغيير الحكايات والأساطير والخرافات الشائعة التي أسست لكتابة التاريخ القديم في المنطقة العربية، بيّنت فيها أن الإكتشافات التي تمت على أيدي علماء من كل أنحاء العالم تؤكد على أن الوثيقة أهم من الحكاية، فقد ثَبُت أن كل ما جاء في النص التوراتي كان مجرد حكاية، فمع ظهور علم الآثار الذي فَنّد كل الأساطير الإغريقية التي آمنت بها أوروبا على مدى ألف عام، من خلال فك رموز الكتابة الهيروغليفية على يد العالم "شامبيليون" وكذلك قراءة الكتابة المسمارية التي وضع قواعدها العالم "روبنسون" سهل فهم الكتابات المنقوشة على الألواح الطينية أو ورق البردي.
قادني البحث إلى أن اللهجة العربية كانت من أنضج اللهجات التي عرفتها هذه المنطقة حيث أشرت إلى أن اللسان العربي مرتبط بتلك اللهجات القديمة حيث أكد علماء اللسانيات في المعاجم المقارنة صحة هذا القول، حيث لم يعد هناك جدلاً في هوية هذه اللغات التي أثبتت أن اللغة العربية من أقدم اللغات في العالم وأن هذه المنطقة هي مهد الكتابة التي أثرت حتى على الكتابة اللاتينية.
قبل أربعبن عاماً كانت التوراة هي المصدر الأساسي لعمليات الكشف وتأكيد الأحداث والرويات التي وقعت في التاريخ القديم، ولكن تبيّن بعد قراءة الرُقم عدم صحتها وتطابقها، وعليه لم يعد من الممكن أن نتحدث عن علم آثار توراتي على الرغم من أن بعض العلماء يقول أن التوراة كتاب ديني ليس من مهمتنا تأكيد أو نفي الأحداث والقصص التي رواها، وهذا شأن مختلف تماماً.
هكذا انتقلت الحكاية إلى علم الآثار كوسيلة لكتابة التاريخ القديم؛ سابقاً ومن خلال دراساتنا، كنا نتحدث عن مجريات الأمور التي أوصلتنا اليوم لما نحن فيه، حيث يؤمن كل علماء الآثار اليوم بالوثيقة وحدها وأصبح من المخجل لهم الإعتماد على التوراة كمرجع، وهذا يعد انتصاراً للعلم والمعرفة على الخرافة التي تأسست دولة إسرائيل من اساطيرها، ففي كتابي الذي أصدرته وزارة الثقافة تحت عنوان "تاريخ فلسطين من خلال علم الآثار" بيّنت فيه أن كل التنقيبات التي قام بها العلماء؛ ومنهم الإسرائيليون، في القدس وأريحا، لم يستطيعوا إلا أن يبرهنوا على أن التاريخ لا يمكن أن يكتب إلا من خلال الوثيقة والكشوف الأثرية، وعليه فقد أصبح هناك تاريخ جديد يستند على الوثائق التي يعتمد عليها المؤرخون.
إن الزمن الطويل الذي قضيته في علم الآثار والمتاحف أتاح لي فرصة الغوص في هذا التاريخ القديم الذي لعب دوراً في وجود دولة هزت العالم بالمآسي التي تسببت بها، وخلقت كائناً هجيناً على أرضنا بحجةٍ آمن بها للأسف جميع التوراتيين في العالم حيث نعلم أن التوراة ومنذ القرن السادس عشر وبتأثير من "مارتن لوثر" تم اعتماده على اساس كونهِ كتاباً مقدساً ومكملاً بعد أن كان المسيحيون يؤمنون بالإنجيل وحده، اذاً عندما ارادت إسرائيل أن تقيم دولتها كان هناك من يؤمن بالصهيونية أكثر من اليهود أنفسهم حيث تدعو التوراة لنصرة الصهيونية من خلال الأرض الموعودة.. أستغرب أن هناك من العرب من يسأل "كيف يَعد الرب اليهود بالأرض المقدسة" .. كتبت في مقالتي أن من وعد اليهود بالأرض المقدسة ليس "الله" بل يهوه، هذا الإله الذي أمر بقتل الناس وقطع الأشجار والإستيلاء على أرض كنعان، هو ليس نفسه الله، لذلك يجب أن ننتبه عند قراءة الرواية التوراتية حتى نستوضح أي ضلال سرى بين الناس حتى أصبح إيماناً كانت نتائجه كارثية على العالم في وجود هذا الجسم الغريب الذي يدعى إسرائيل الذي باستمراريته ستبقى المنطقة تعاني عدم الاستقرار، وهنا دائماً ما أنبّه؛ خاصة المؤرخين العرب، بدراسة الكتابات الجديدة التي يكتبها علماء الآثار في العالم نتيجة تنقيباتهم في بلادنا، بلاد الرافدين، سورية والأردن، على اعتبارها دراسات يمكن الوثوق بها، فقد شكلت لجنة دولية من 12 عالماً من مختلف دول العالم لأن هذه اللغات القديمة لا يقرأها إلا عدد محدود جداً على المستوى العالمي حيث قدمت لهم صور لآلاف الرقم هي الآن قيد الدراسة يصدر بموجبها حتى اليوم مجلة سنوية متخصصة تصدر من روما تتضمن نتائج القراءات المفسرة لهذه الرقم وتوضيحاً للتاريخ القديم كلٌ حسب لغته.
ما قمنا به أعلن عن انتصار علم الآثار، حيث احدث انقلاباً في كتابة التاريخ وقام بتغيير ذهنية العلماء، ومما جعل العلم يتفوق على الأسطورة من حيث الأهمية التاريخية، وبرهن أن مصدر العلم ليس في الكتب المقدسة بل في الوثيقة التي يتم اكتشافها .. هناك ثورة على الأسطورة والخرافة انتصر فيها العلم من خلال تنقيبات واسعة تمت في بلادنا أظهرت للعالم أننا بناة حضارة كنا من الأوائل الذين خطّوا سطور أبجديتها».
اكتشف سورية
الدكتور عفيف البهنسي مكرماً من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي |
الدكتور عفيف البهنسي مكرماً من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي |
الدكتور عفيف البهنسي مكرماً من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي |