الليلة الثالثة والرابعة من ليالي الموسيقى الروحية

11 09

ابن عربي من المغرب وطويس من سورية

بعد فرقة «التراث الحلبي» السورية، وسلطان المنشدين الشيخ «أحمد التوني» من مصر، كان جمهور مسرح قصر العظم بدمشق على موعدٍ مع فرقة «إبن عربي» المغربية و«طويس» السورية في الليلتين الثالثة والرابعة على التوالي من ليالي الموسيقى الروحيّة التي تنظمها الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 بين 7و11 أيلول الحالي.
جمعت هذه التظاهرة مجدداً مشرق الوطن العربي ومغربه تحت عنوانٍ عريض هو أصالة الموسيقى الشرقية وملامستها للروح، سواءٌ كانت ذات منبعٍ صوفي أو غير ذلك.
فرقة «إبن عربي» من المغرب نشأت في أحضان الزاوية الصديقية الدراقاوية التي يعود عمرها إلى حوالي المائة عام، وتتخذ من مدينة طنجة في الشمال المغربي مقراً لها. تأسست في عام 1988، وتنتسب إلى أحد أشهر أئمة التصوف في التاريخ الإسلامي الشيخ محي الدين بن عربي الأندلسي، الذي جال بمدن المغرب والعديد من المدن العربية والإسلامية حتى استقر في دمشق ودفن بها عام 1241.
تتألف الفرقة بشكلٍ أساسي من خمسة عازفين ومنشد يقدّم الإنشاد الفردي أو السماع، كما يصر، أحمد الخليع مؤسس الفرقة على تسميته، بينما يضبط المنشد عبد الله منصور إيقاعه على آلة الرق، وتتبعه الفرقة في الموسيقى التي تعتمد بشكلٍ أساسي على محاكاة الآلات الموسيقية القديمة كالناي المأخوذ عن الأتراك، وآلة الطنبور البغدادي، والدفوف الإيرانية، بالإضافة إلى آلات القانون، والعود، والكمان.
وتعود الموسيقى التي تقدّمها في معظم ألحانها إلى التراث الصوفي الأندلسي الأصلي، وما اجتمع في المغرب من تراث متصوفي المشرق والمغرب الذي يتغنى بأشعار كبار أئمة التصوف من ابن الفارض، وابن عربي، وأبو الحسن الششتري، ومؤسس الطريقة الصديقية الدرقاوية محمد ابن الصديق وغيرهم.
فرقة «ابن عربي» من المغرب في ليالي الموسيقى الروحية
«اكتشف سورية» تعرف من السيد أحمد الخليع مؤسس فرقة «ابن عربي» وعازف القانون فيها على طبيعة الموسيقى التي تقدّمها الفرقة واختياراتهم لبرنامج حفل دمشق «هذه ليست المرة الأولى التي نزور فيها دمشق، إنها المرة الثالثة، والبرنامج الذي اخترناه لأمسية اليوم يُبحر في الحب والعشق الإلهي، ويتناسب مع شهر رمضان. نحن نُقدّم خليطاً من الأنغام والموسيقى التي تواردت على شمال المغرب وحافظت عليها الزوايا منذ قرون، ونظراً لطابعها القدسي بقيت محافظة على شكلها وإشاراتها وأصالتها لا من جهة اللحن فقط وإنما لجهة الكلام الصوفي الذي فاض على ألسنة أئمة التصوف في المغرب والمشرق والأندلس، وهذا ما نطلق عليه اسم" السماع" وليس الإنشاد، فالسماع هو المفهوم الذي أعطته الصوفيّة للموسيقى عامة من خلال المعاني التي يمكن استنباطها من الأِشعار والآلات الموسيقية المستخدمة».
وعن استخدام الموسيقى فيما تقدمه الفرقة من أصل التراث الصوفي قال الخليع: «الموسيقى كانت موجودة منذ البداية في "السماع" الصوفي الذي نقدّمه في شكله التراثي الأندلسي، وقد أذننا مشايخنا في ذلك استناداً إلى كتاب "إيضاح الدلالات في سماع الآلات" للشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي، وليس ذلك فقط بل حصلنا على الإذن من الشيخ عبد العزيز الصديق ابن مؤسس الطريقة الصديقية في إخراج "السماع" من الزوايا إلى المسارح، لكي يصل كلام العارفين إلى قلوب المستمعين بصورة أوسع، وتمكنا عبر ما نقدّمه من شد انتباه الناس إلى التصوف حتى غير الناطقين بالعربية، ولمسنا ذلك في الحفلات العديدة التي أقمناها في أوربا، وهذا يؤكد قدرة الموسيقى على الوصول إلى القلوب».
فرقة «طويس» السورية في ليالي الموسيقى الروحيةأما فرقة «طويس» السورية فأطربت جمهور مسرح قصر العظم في الليلة الرابعة من ليالي الموسيقى الروحية 10 أيلول 2008 أطربتهم بالموسيقى فقط، حيث قدّمت الفرقة على مدى الساعة والربع قطعاً موسيقية تنوعت بين التقاسيم والرقصات واللونغا والبشرف وارتجال بعنوان «ومضة» وقطعة موسيقية حملت اسم «إنسان» من تأليف قائد الفرقة ومؤسسها عصام رافع.
تميزت القطع التراثية المقدّمة بمحافظتها على الشكل الأصلي للحن الشرقي، مع إضفاء بعدٍ معاصرٍ عليها عبر تكنيك العزف القائم على التنويع في الريتم، مما أضفى حيوية بالغة على الموسيقى.
تحمل فرقة «طويس» اسم أول مغني في العصر الإسلامي يرجع أصله إلى المدينة المنورة في الجزيرة العربية، واشتهر بجمال صوته وقوة ابتكاره فهو من أدخل الإيقاع لأول مرّة على الغناء في القرن السابع الميلادي.
تأسست الفرقة في العام 2004، وضمت بشكلٍ أساسي رباعي العود، والناي، والإيقاع، والقانون، وأحيت عدّة حفلاتٍ في أوربا وسورية والعالم العربي، وأصدرت ألبوماً يحمل اسمها تعبر مقطوعاته عن روح المشروع الموسيقي للفرقة، كما أصدرت ألبوماً مشتركاً مع فرقة «باروك» الفرنسية.
في الحفلة التي قدمتها ليلة أمس على مسرح قصر العظم ضمت الفرقة عصام رافع على العود، وفراس شهرستان على القانون، ومسلم رحال على الناي، وبادي رافع وراغب جبيل على الإيقاع، ومحمد نامق على التشيلو.
عصام رافع مؤسس فرقة «طويس» في ليالي الموسيقى الروحية عن المشروع الموسيقي للفرقة تحدث عصام رافع لـ«اكتشف سورية» «هدف فرقتنا منذ تأسيسها هو تقديم الموسيقى التقليدية باستخدام التخت الشرقي التقليدي، والبحث في جذور الموسيقى العربية والشرقية وعلى الأخص الآلية منها لسبر أغوارها وإخراجها في نهاية المطاف بطريقةٍ معاصرة، دون المساس بشكلها الأصلي».
ويضيف «نحن نسعى من خلال تكنيك العزف المستخدم إلى إيصال الجمهور إلى حالة من النشوة لا يمكن أن تحقق إلا إذا كان العزف متمكن، ومنسجم مع بقية أعضاء الفرقة وهذا ما نسعى إليه دائماً».
فراس شهرستان عازف القانون في الفرقة وأحد مبرمجي تظاهرة «ليالي الموسيقى الروحيّة» تحدّث لنا عن أهمية هذه التظاهرة، والإطار الذي شاركت فيه فرقة «طويس» ضمنها كفرقة موسيقية فقط لا تقدم الإنشاد، « تكمن أهمية هذه التظاهرة في إخراج هذا الفن الصوفي من الزوايا المغلقة إلى المسارح لكي يتعرف الناس عليه أكثر، أما عن إطار مشاركتتنا في"ليالي الموسيقى الروحية" فهو تقديم الموسيقى التي تعزف عن طريق التقسيم والارتجال بلمسة صوفيّة، وأنا حضرت أمسيات موسيقية صوفية فقط بدون إنشاد في مدينة قونية التركية التي هي أم التصوف، وأردنا أن ننقل هذه التجربة إلى المسارح السورية ونأمل أن نكون نجحنا في هذا المجال».


محمد الأزن

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق

    مراد دتديس:

    انا مراد من فلسطين بحبكم كثير

    فلسطين