التشكيلي إدوار شهدا «أنا وحيد في البياض» في غاليري تجليات
08 شباط 2011
وإهداء للشاعر الراحل محمود درويش
سيناريوهات إدوار شهدا تعبق برائحة الحكاية التي شغلت وما زالت هموم فنان تتلمذ ضمن أبجدية اللون، غارفاً من قصص الزمن وحكاياته اللونية، وإهداء إلى روح الشاعر الكبير محمود درويش. هذا ما يقدمه التشكيلي إدوار شهدا في معرضه الأخير الذي أقيم في غاليري تجليات بدمشق مساء الأحد 6 شباط 2011. وبحضور مميز من مختلف الأجيال التشكيلية، المتتبعة لتجربة رائد من رواد التشكيل السوري.
يكتفي الفنان أدوار بالشفافية اللونية لتجسد أفكاره التي تتقاطع مع أطروحاته الفكرية والتي تتسم بالتماهي مع أشعار محمود درويش، متجاوزاً عالم من الألوان، فهو المختزل والقادر على تفتيت زوائد الحكاية ليقدم من خلال أعمال جوهر حكاية الإنسان بأساطيره وحكاياته المتخبطة ما بين الحشو الذائد ومتاهات التفاصيل التي لا تنتهي. وإذ ما قرأنا عنوانين أعماله ومنها: ورقة من مقامة محمود درويش، في وداع شاعر، وحيداً في البياض، هذا هو اسمك، سأصير يوماً طائر، اليعارز هلم خارجاً، فتاة في سن الحجاب، داناي، طفولة أدم وحواء، ثلاثية سالومي، ولوحته الرائعة خماسية ألوان الحياة، نكون أمام مفكر وأديب تشكيلي جسد بعبقريته طيف اللون، ودعوة منه لقراءة متأنية تحرضنا عليها ريشة ملون خاص جداً وجداً. فربط تجربة الفنان شهدا الفكرية والبصرية بأفكار محمود درويش تتحمل الكثير من المعطيات التاريخية والفلسفية.
هذا وقد صدر كُتيب يحوي أعمال التشكيلي إدوار شهدا، جاء في صفحته الأولى كلمة للتشكيلي السوري يوسف عبدلكي جاء فيها: «المشهد لدى هذا الفنان نوراني، مشهد متعال عن الواقع، تتحاور فيه النساء مع الرجال، الأطفال مع عديمي الجنس، العياني مع الرمزي، الملائكة مع الشياطين، الأجساد مع النباتات، الأساطير مع الواقع، الحشود مع الآحاد، لكل ذلك يبدو المشهد غير قابل للشرح، لأنه مسكون بالغموض، بالسرّ، فلوحة إدوار شهدا لوحة أسرار».
كما تضمن الكُتيب كلمة للتشكيلي عاصم الباشا جاء فيها: «عندما يبلغ المبدع هذا الحال يصبح قادراً على ممارسة الرؤية ودلقها شهادة على المادة الوسيطة بينه والآخرين، لذا هو شهدا...لأنه يشهد. لأنه ينتمي لجيل كان وما زال يحلم بعالم أفضل. إدوار شهدا ممّن يمارس التشكيل كهمّ وشاغل مستديمين، لذا لا يستطيع الاستكانة لأي تجربة, وتلك خصال المبدع».
«اكتشف سورية» تابع حفل الافتتاح والتقى االتشكيلي غسان النعنع وعن إدوار شهدا، - الصديق القديم - في تجمع «مجموعة حمص» يقول: «تجمعني مع الفنان إدوار صداقة قوية وقديمة، منذ أيام الدراسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق، كما سافرا سوية للدراسة في روسيا الإتحاد السوفيتي سابقاً، لذا فأنا متابع لتجربته بشكل مستمر، والشيء الملاحظ في تجربته هذه تألقه نتيجة استمراره من خلال التجريب والبحث، فهو يعمل على درجات منخفضة من الرماديات بتقنية وإحساس عالي جداً، مع إضافة بقع من اللون كميزان للوحته التشكيلية، وهي تيمة لفتت انتباهي منذ زمن، محققاً من خلالها رؤيته الخاصة المستمدة من قصائد محمود درويش، أما القسم الثاني من المعرض فتوجد أعمال أقدم تتميز بحضور قوي للون، فهو من أهم الملونين في سورية، فحسب دائرة الألوان استطاع إدوار شهدا استخدام الألوان المتممة وهذا يتطلب إحساس قوي من الفنان لكي يستطيع ضبط كمية اللون في عملية التشكيل الفني».
كما التقى «اكتشف سورية» بعض من التشكيلين الشباب في محاولة لتبيان رأيهم حول تجربة الفنان التشكيلي إدوار شهدا ومنهم التشكيلي فادي العساف أستاذ في كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم الحفر والطباعة. «الفنان إدوار شهدا من الرواد السوريين الذين يتميزون بتجربتهم الخاصة، فتجربته خلاصة لتجارب كثيرة عمل من خلالها سنوات طوال، لذا فإنك تتقاطع في أعماله مع بيكاسو، والإيقونة السورية، والكثير من الرموز الفلسفية، ورغم أن المعرض مهدى إلى روح الشاعر محمود درويش، إلا أن شخصية الفنان إدوار شهدا واضحة في هذه الأعمال، التي تتقاطع مع أشعار محمود درويش برموزها الفكرية والإنسانية والتي جسدها ضمن لوحته التشكيلية، وكأنها رسائل فكرية بصرية تتسم من حيث التكوين واللون ودرجاته اللونية بالتكامل من خلال عملية ضبط متكامل ضمن فضاء اللوحة».
من جانبه يقول التشكيلي إلياس أيوب: « تتسم أعمال الفنان والأستاذ إدوار شهدا بجمالها وحساسيتها المطلقة، من خلال تناوله لموضوع التشخيص بطريقة خاصة مردها تاريخه الطويل من العمل الجاد والحقيقي، وهذه الأعمال تدل على تجربته المختمرة للحد الذي يستطيع من خلاله أن يقدم موضوعاته بطريقة مشبعة بروح التجديد، كما تتسم أعماله بنزوة لونية ترتبط بفكرة الموضوع، وهس نزوة ساد عيلها اللون الأبيض المرتبط بوجدان الفنان شهدا».
وينهي الفنان إلياس أيوب حديثه معنا بقوله : « بفترة سابقة كان الأستاذ إدوار أستاذي الذي يمدني بالنصح، حيث كنت مهتماً برأيه من خلال تقييمه لأعمالي التشكيلية، لذا كنت قريباً من طريقة تفكيره, ولو هذا الأمر لما أسطعت التحدث عن قيمة هذا الفنان الكبير».
كما التقى «اكتشف سورية» الفنان إدوار شهدا وفي معرض حديثه معنا قال: «اللون شيء خاص بالفنان يستخدمه حسب طريقته مع الموضوع أو بنية العمل، بالنسبة لي اللون عنصر أساسي يتعلق بالموضوع، فهو ليس بلون مجرد بل طاقة تُختزل بين درجاته اللونية، أربطها بموضوع العمل، فأنا اعمل ضمن هذه المعادلة اللونية».
وعن شخوصه المميزة المعروفة عند جميع قارئي هذا الفنان والتي تقاطعت مع أشعار محمود درويش يقول: «هذه هي شخصيتي، وهي إنعكاس حقيقي لما أشعر وأفكر به، هذا المعرض جاء كنوع من التفاعل الفكري والبصري مع أشعار محمود درويش، فكانت مرحلة مهمة أعمل من خلالها على حساسيات اللون الأبيض، منطلقاً من كلمة محددة للشاعر محمود درويش وهي " أنا وحيد في البياض" وهي كلمة تحوي الكثير من المعاني الفلسفية والتشكيلية في نفس الوقت حاولت أن أستفيد منها من خلال استحضار طاقة اللون بحساسيته ضمن مجموعة الألوان المحيطة، وهنالك عمل مُعنون باسم محمود درويش " وحيد في البياض" تشرح هذه الأختيار اللوني الذي أعنيه».
وعن اهدائه المعرض للراحل محمود درويش نختتم مع الفنان التشكيلي إدوار شهدا «لا أتعكز على هذا الموضوع، رغم حذري الشديد من إهداء العمل لشخصية ما، ولكن وفاة محمود درويش تركت أثر كبير على مجمل الحياة الثقافية، وفراغاً كبير برحيله فجاءت هذه التجربة بايحاءاتها وألوانها، نييجة تلاحمي مع أفكاره الشعرية».
يذكر أن معرض الفنان التشكيلي إدوار شهدا مستمر في غاليري تجليات
مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية
من أعمال التشكليلي إدوار شهدا بمعرضه في غاليري تجليات 2011 |
من أعمال التشكليلي إدوار شهدا بمعرضه في غاليري تجليات 2011 |
من أعمال التشكليلي إدوار شهدا بمعرضه في غاليري تجليات 2011 |