تُعد محافظة درعا من أجمل وأغنى المحافظات السورية بالممتلكات الثقافية، والآثار الفنية، والمباني التاريخية، والذكريات الروحية، حيث تحتوي على الكثير من الأوابد التاريخية المتربعة على سهولها وتلالها أو تحت ثراها.
وتشير الأوابد الأثرية الموجودة في قرية الشعارة إلى أنَّ هذه المنطقة كانت موطنَ الحضارة الأولى منذ أقدم العصور التاريخية.
وقال المهندس حسين مشهداوي -رئيس دائرة آثار درعا- في حديث له: «إنَّ التنقيبات الأثرية التي قامت بها البعثة الفرنسية في موقع الشعارة في محافظة درعا منذ عام 1998 برئاسة جان-ماري دنتزر، أظهرت أنَّ المدينة سُكنت لأول مرة خلال العصر الهلينستي أي حوالي القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد. ثم توالى الاستيطان على هذه القرية خلال العصر الروماني، واستمر السكن فيها خلال العصر البيزنطي والعصور الإسلامية الأيوبية والمملوكية.
وأوضح أنه أُقيم في قرية الشعارة خلال العصر الروماني منشآت مهمة، حيث تصنف القرية حسب موقعها على أطراف منطقة اللجاة حامية عسكرية لحماية الولاية العربية والرومانية، مشيراً إلى ارتباط المدينة بشبكة طرق تم تشييدها في العصر الروماني مع مدن مهمة، مثل المسمية/فانيا قديماً وحتى بصرى، من خلال الطريق القادم من دمشق حسب تتبع دراسة توماس بوزو أحد أعضاء البعثة الفرنسية.
وأضاف مشهداوي أنَّ أهم المنشآت التي بُنيت في القرية خلال العصر الروماني كان المعبد المخصص للإله مترا، والذي يمكن مقارنته مع المعابد المشابهة المكتشفة في مدينة دورا أوروبوس، وموقع حورته الذي يقع وسط القرية و يتميز بوجود تجسيد لآلهة الحظ منقوشة على القوس الرئيسي لقدس الأقداس داخل المعبد.
وأوضح رئيس دائرة أثار درعا أن الحمامات تُعتبر من أهم المنشآت في قرية الشعارة، ولها ثلاثة أقسام الحارّة والبارّدة والدافئة، وبُنيت في طرف المدينة الشمالي وفق التصميم الشائع في الكثير من المدن التي تعود للعصر الروماني بالإضافة إلى القاعة الرئيسية.
وأشار إلى أن الأسبار الأثرية التي أُجريت في الحمامات أثبتت أن السويات الأثرية تعود إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي، مؤكداً أن القرية وفق نتائج التنقيبات لعام 2005 كانت محاطة بسور دفاعي لحمايتها خاصة في الجهة الجنوبية منه، مبيناً وجود توسع عمراني في القرية خلال العصر البيزنطي من خلال الأبنية العديدة المنتشرة في مختلف أرجائها، حيث أُقيم بعضها على أنقاض المباني التي كانت موجودة في العصر الروماني.
وأضاف مشهداوي أن القرية تعرضت إلى تهدم قسم كبير من المنشآت بفعل الزلزال الذي ضرب المنطقة خلال القرن السادس الميلادي، لذلك أُعيدَ بناء الكثير من المنشآت في القرية، مشيراً إلى أنَّ أهم الشواهد الأثرية على هذا العصرِ الجامعُ الحالي الذي يُعتقد بأنه مبني على أثر كنيسة تعود للعصر البيزنطي خلال القرن الخامس أو السادس الميلادي.
وأكّد رئيس دائرة آثار درعا أن القرية توسعت بشكل كبير خلال العهود الإسلامية الأيوبية والمملوكية وكثرت فيها الأبنية، كالبيوت النموذجية التي تدل على الاستيطان خلال هذه الفترة.
وتقع قرية شعارة في منطقة اللجاة بمحافظة درعا وتبعد عن بلدة المسمية نحو ستة كيلومترات وعن مدينة درعا نحو ستين كيلومتراً.
سانا