برصوم برصوما في غاليري كارما بحلب

27 كانون الأول 2010

عند التأمل في أعمال الفنان برصوم برصوما، نجد الطابع الغالب فيها هو الطابع البشري والإنساني، إذ قلما تجد لوحة لا تحوي عنصراً بشرياً ضمن مجموعته الحالية التي أطلقها في حلب، والمعروضة في غاليري كارما للفنون خلال شهر كانون الأول الحالي 2010. تواجد العنصري البشري في كل اللوحات يؤكده الفنان برصوما ويضيف عليه بأنه موجود حتى في اللوحات التي تمثل مشاهد ومناظر طبيعية ضمن ذات المجموعة، حيث يقول بأن الإنسان برأيه هو الأهم والباقي عناصر متممة.

أما العنصر الفريد الآخر، فهو رسمه هذه النماذج البشرية في سياق أسطوري يقول عنه بأن جاء انطلاقاً من رغبته في جعل لوحاته تلامس الأسطورة أو مسائل التراث والفكر عبر الأسطورة، إلا أنه في الوقت ذاته يشدد بأن مضامين اللوحات ـ وإن كانت أسطورية المنحى ـ تمثل الإنسان في كل زمان ومكان بدءاً من مئات السنين حتى الحاضر وصولاً إلى المستقبل، كونها تتناول مفاهيم عامة تـُعاش في كل الفترات؛ الحزن، الألم، الانتظار، والفرح هي كلها بعض الحالات الإنسانية التي جسدها الفنان برصوما في لوحاته وإن كانت ضمن سياق أسطوري قديم.

أما عن رمزية اللوحات فتراها تتنقل من الماضي إلى الحاضر حيث يقول بأن اللوحات من ناحية تمثل تماساً مع الأسطورة والتاريخ والماضي، إلا أن الحالة الإنسانية هي حالة حاضرة مرتسمة عبر الوجوه ورمزية، مع وجود لمسة الحاضر مخفية في كل ركن من أركان اللوحة. ويتابع بالقول بأن حالتي «اللازمان واللامكان» موجودتان في كل اللوحات وإن كان هناك غياب في بعضها وحضور في بعضها الآخر.

متوسط أحجام اللوحات يتجاوز المتر طولاً وعرضاً، ما يجعلها تنتمي إلى فئة اللوحات الكبيرة؛ هذا الأمر لا يعيره الفنان برصوما أي اهتمام حيث يقول بأن المساحة تعود إلى فكرة اللوحة والهدف منها، مضيفاً بأن المعرض يحوي أعمالاً صغيرة وكبيرة حيث يمثل حجم اللوحة جزءاً من الثقافة ووعي الفنان الذي يطرح ما لديه على اللوحة دون النظر للمساحة وبما يتجسد على أنه «عملية بوح»، وبالتالي لا يحد البوح أي مساحة أو حجم. يقول بأن «البعض تحاصره المساحة، في حين يسترخي البعض في كل الأمكنة»؛ لكل فنان رؤيته للوحة، أما هو فقد قرر العمل مع كل المساحات مفضلاً منها الكبيرة لكي يظهر لديه الإنسان الموجود حتى في «الشجر والصخر والأرض والتراب وفي كل أرجاء اللوحة، حتى لو لم يتواجد فيها بشكل مباشر». تملك اللوحة حركتها الجاهلية الخاصة كما يقول، ويتم الإحساس بها عبر اللمسة، وهذا يقربه من مفهوم الأنسنة كما يقول ويبرز البعد الجمالي فيها بعد تأملها.


الفنان برصوم برصوما في معرضه

ما يميز المعرض أنه مبني على فكرة واحدة تتجسد في عدة لوحات، هو تمثيل الفكرة الواحدة بأبعاد مختلفة كما يشرح لنا، مؤكداً بأن هذا الموضوع هو في النهاية طريقة تفكير وطريقة الفنان في التعبير عن أفكاره والاسترسال في العالم الذي أنشأه في هذه اللوحات. ويعتبر بأن اللوحات الموجودة كلها اليوم لا تمثل نهاية أفكاره تجاه هذا الموضوع إنما جزءاً منها.

زمن التحضير للمعرض كان متقطعاً على امتداد أربعة أو خمسة شهور. الزمن له مفهوم مختلف عند الفنان برصوما فلا يتعلق لديه بفكرة «متى أبدأ ومتى أنتهي؟» بقدر ما يتحدد بفكرة «هل قدمت في اللوحة ما أريد؟».

قادماً من شرق سورية ليعرض في مدينة حلب. السبب كما يقول يكمن في أن الجمهور في حلب «يتذوق العمل» كما يعبر بشكل دقيق حيث يرى بأن «لا أحد يغادر الصالة دون نقاش أو محاورة أو سؤال»، ويتابع بأن الجمهور يعتبر زيارته للمعرض مناسبة يتحضر لها بالكامل عن طريق قضائه الوقت الطويل في صالة المعرض متنقلاً من لوحة إلى أخرى ضمن سهرة اعتزم القيام بها بين أرجاء المعرض بحيث لا تنتهي هذه السهرة إلا وقد حصل على وجبة فنية كاملة عبر تأمل اللوحات المعروضة لفترة طويلة. هذا الأمر برأيه جعله يقرر أن تكون مدينة حلب مركزاً لعرض لوحاته ومجموعاته الفنية حالما تنتهي وتكون هي المقصد الأول لديه لكي يعرض أحدث ما لديه من مجموعات فنية.

والفنان برصوم برصوما من مواليد الحسكة، خريج كلية الفنون الجميلة في دمشق في العام 1977 قسم التصوير. عمل خبيراً في الزخرفة لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف وكرمته العديد من الجهات مثل نقابة الفنون الجميلة السورية ومتحف طه طه في الرقة. شارك في أغلب المعارض ولديه العديد من المعارض الفردية الخاصة به. أعماله مقتناة في بلدان عدة ولدى مؤسسات حكومية وضمن مجموعات خاصة.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال الفنان برصوم برصوما في معرضه في غاليري كارما بحلب

من أعمال الفنان برصوم برصوما في معرضه في غاليري كارما بحلب

من أعمال الفنان برصوم برصوما في معرضه في غاليري كارما بحلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق