أدونيس بعيون صينية

14/أيار/2009

كتب الشاعر والمستشرق الصيني بسام شوي تشينغ مقالة مطولة في صحيفة الحياة اللبنانية عن الزيارة الأخيرة للشاعر السوري أدونيس إلى الصين وعن الانطباعات والأصداء التي تركها في المشهد الثقافي الصيني.

وجاء في المقال في محاولة للتعريف الفكري بأدونيس كشاعر عربي «أدونيس شاعر، وهو في الوقت نفسه مفكر وناقد ومترجم وفنان، له إنتاجات إبداعية غزيرة. إنّه أحد أهم دعاة الحداثة الشعرية في الشعر العربي الحديث، كما أنّه أكبر شاعر عربي يطبق أفكار الحداثة. تشكل أفكار التمرد والمساءلة والاستقصاء والتحول والتجاوز موضوعات رئيسة في إبداعاته الشعرية، وفي الوقت نفسه، نجد أنّ كلّ أشعاره تشعّ بنور الجمال والحرية والمحبة والإنسانية. يبدو للبعض أن شعره غامض، ولكن، كما قال أدونيس "شمس المعنى/ يحدث أن يحجبَها/ ظلُّ جدار"».

ويتابع الكاتب والمستشرق تشينغ حديثه عن أدونيس وعن شعره قائلاً: «يسهر أدونيس الشاعر مع الشعر الذي يرقص مع كيمياء الأشياء، تاركاً المنطق ينام بين يديه، فإن أدونيس المفكر قد أيقظ المنطق والعقلانية بين يديه. ففي دراساته الغزيزة، نجد أدونيس مفكراً عقلانياً كبيراً يمتاز بعمق الفكر وغزارة الاطلاع ونفاذ الرأي. لقد عرض لنا تاريخاً جديداً بكل معنى الكلمة للثقافة العربية والشعر العربي بخاصة، تاريخاً تم تشويهه وحجبه من قوى المحافظة التي كانت هي القوى السائدة في العالم العربي، واستطاع أن يكشف لنا تراثاً نفيساً في الثقافة العربية، تراثاً يستمد قيمته من محاولات التحول والتحويل».

ومن ثمّ ينتقل تشينغ ليسوق بعض مما قيل بأدونيس في الأوساط الثقافية الصينية وخصوصاً الشعرية كرأي صاعد زونغ جي كون، رئيس جمعية بحوث الأدب العربي في الصين حيث يقول: «في الأدب العربي القديم يُعرَّف أبو العلاء المعري بأنّه شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، وفي رأيي أن أهمية أدونيس كمفكر كبير لا تقل عن أهميته كشاعر عظيم، وأن دراساته وأبحاثه النظرية حول قضايا الثقافة والسياسة والتاريخ والشعر والأدب لا تقل عن دواوينه الشعرية كمّاً وكيفاً. لذا، قد لا أُبالغ إذا قلت إنِّ أدونيس هو أيضاً شاعر المفكرين ومفكر الشعراء، أو أنّه أبو العلاء المعاصر، أو جبران خليل جبران في وقتنا الحاضر. يبدو من الوهلة الأولى أن أدونيس يتمرد على كلّ ما هو قديم أو يدعو إلى إحداث قطيعة مع التراث، ولكنّنا إذا قرأنا بجدية أشعاره وأفكاره الواردة في كتابه الضخم "الثابت والمتحول" عرفنا كيف يستلهم التراث في الشعر العربي القديم الذي خلفه شعراء عظام أمثال أبو نواس وأبو العلاء المعري والمتنبي وبعض المتصوّفين الكبار. لذا، فإن أدونيس شاعر عربي الروح والجوهر، وهذا لا يمنع من أن يكون شاعراً عالمياً أيضاً».

ويقول الناقد تانغ شياو دو رئيس تحرير مجلة منتدى الشعر العالمي المعاصر: «أعتبر نفسي محظوظاً لأنّني قرأت شعر أدونيس قبل قراء آخرين في الصين، حيث قرأت مختارات من شعره بفضل ترجمة الصديق شوي تشينغ قوه ووضعتها في الملف الخاص بأدونيس في مجلة منتدى الشعر العالمي المعاصر. وأول ما أُحسّ به في شعره هو العلاقة المتوترة بين اللغة والواقع والطاقة الكبيرة الناتجة من هذا التوتر، ويمكن أن ألاحظ في شعره ثقته التامة بنفسه وبشعره وبقدرة شعره على خلق عالم شـعري فريد. مثلاً، وجدت أنّه متـحمس لتـسمية الأشيـاء أو إعادة تسمية الأشياء، إذ يحاول أن يعيد تسمية كلّ ما له علاقة بالكتابة أو بالوجود، كمفهوم الآلهة والشيطان والملائكة والوطن والمنفى والحرية والصواب والخطأ والبراءة والخطيئة إلخ، تبدو محاولاته هذه جليّة في ديوانه "احتفاءً بالأشياء الغامضة الواضحة" وفي بعض الشذرات من كتابه "المحيط الأسود"، ودهشت كثيراً من محاولته هذه وتساءلت: يا لها من طاقة هائلة يحتاج إليها الشاعر حتى توفر له الحماسة المتواصلة لإعادة تسمية الأشياء. ذلك أن إعادة تسمية الأشياء ليست إلا محاولة لإعادة خلق العالم شعرياً».



اكتشف سورية

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك