تفاصيل من حياة فاتح المدرس
المحفل: المدرس كان دائماً مع الإنسان المسحوق والضعيف
12/أيار/2009
لم تأت الندوة التي استضافها المنتدى الاجتماعي في دمشق عن الفنان التشكيلي الراحل فاتح المدرس كغيرها من الندوات، بل كانت حديث ذكريات من أصدقاء مقربين للمدرس هم من أحيوا هذه الندوة بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الفنان فاتح المدرس.
من جهته الدكتور والمؤرخ محمد محفل تحدث عن صداقته مع المدرس والتي بدأت من حلب عام 1947، حيث تشاركا فترة الشباب، ثمّ افترقا ليلتقيا في أوروبا عندما كان المدرس يقطن في روما. يقول المحفل في مجمل حديثه: «كُنت مع فاتح في مرسمه بشكل يومي، نقضي أوقاتاً طويلة، نقرأ ونراجع ونعمل على قراءة اللوحات ومستجدات النشاط التشكيلي». ويستطرد المحفل في حديث ذكرياته قائلاً: «أتذكر أنّنا تشاركنا نفس الأصدقاء وخاصة في مدينة حلب ومنهم لؤي كيالي الذي التقيناه أنا وفاتح آخر مرة عام 1977، أيّ قبل وفاته بعام».
يرى المحفل في المدرس مزاجية عالية خلقت منه المبدع، ليس فقط في الفن التشكيلي، إنما في كلّ المجالات التي اهتم بها، ويستشهد هنا بمجموعة فاتح المدرس القصصية «عود النعنع» كمثال على تميز مبدعها، كما يؤكد أن «المدرس كان مقرباً في توجهاته الفكرية من كلّ أطياف السياسة والمهتمين بالشأن العام، لكنّه بقي دائماً مع الإنسان أينما حل، بالذات ذاك الإنسان المسحوق والضعيف».
من أجواء الندوة
من جهته تحدث الأستاذ عبد العزيز علون عن المدرس مستذكراً مراحل حياته والأماكن التي كان يتردد عليها، وهنا يقول: «كان فاتح دائم المواظبة على حضور المنتديات الفكرية والثقافية التي كانت موجودة في فترات سابقة، فأذكر أنّه كان يتردد على مجموعة "أورخن مبسر" صاحب كتاب "سوريالو" وهو مدير المركز الثقافي البريطاني في حلب، كما تردد على دارة النقشبندي، وعلى تجمعات العروبيين والإسلاميين والماركسيين والسوريين القوميين، وكان مقرب من كلّ هذه التيارات ويبدو في جلساتها العضو الأبرز من خلال مداخلاته الشيقة والمهمة المستندة إلى عمق ثقافته وفكره الوقاد دائماً، أما في جلساتنا الخاصة فقلة من يعرفوا أن المدرس كان يرتجل على البيانو، ويعزف مقطوعات من وحي إبداعه لا زلت أحتفظ ببعضها حتّى اليوم. هذا هو المدرس الذي لم يكن تشكيلياً فقط، بل كان عازفاً، ومؤلفاً موسيقياً، وشاعراً، وكاتباً للقصة القصيرة بإتقان ومفكراً بعمق، لذا ليس مستغرباً أن تبقى له هذه الذكرى وكلّ هذا الأثر في نفوسنا نحن من عاشرناه وجايلناه».
بدوره الفنان التشكيلي فادي فاتح المدرس تحدث عن والده والأثر الذي تركه فيه كإنسان وفنان في ذات الوقت، مستذكراً كلامه ونصائحه التي كانت تظهر فيها خبرة الأب الناصح والعقل المدرك دائماً.
انتقل الحديث بعدها للفنان التشكيلي
موفق مخول الذي تحدث عن علاقته الخاصة بأستاذه المدرس، وكيف انتقلت إلى مرحلة من الصداقة الحقيقية القائمة بين رجلين رغم فوارق السن، لأنّ المدرس كان قريباً من الجميع بما يحمله من خبرة وديناميكية في التعامل مع الآخر، ويؤكد مخول: «عرفنا من خلال المدرس مفاهيم جديدة لكلّ ما يدور حولنا من أحداث، ولكل المفاهيم الموجودة في ذهننا مسبقاً. لقد كان للمدرس نظرته الخاصة بكلّ شيء في الوطن، والإنسان، والمرأة وكان باحثاً وجودياً بحق».
عمر الأسعد
اكتشف سورية