خمس سنوات من العمل المتواصل على مشروعه 19/شباط/2009
«إن استحضار العالم الموجود والكامن للشخصيات المجهولة المصورة، والمعروفة في ذات الوقت بما يسمى الإنسان، إنما هو محاولة لخلق علاقة فيما بين أولئك الذين أسميهم: أنا الإنسان.
من الوجود المادي والغياب الروحي، إلى الوجود الروحي لكيان غائب في الظل.
ظل كاد يحميه، كاد أن يكون غطاء يتدثر به ولكن ما الذي يريد أن يخفيه!.
هي تلك الحقيقة التي أبحث عنها في حضرة الغائب التامة.
ذلك ما أنشده، وهذا ما بحثت عنه طويلاً. من الغموض الصامت، إلى الخط الصارخ للون. سوف تشرق النفس الإنسانية بصورة هي ما بين الذاكرة والخيال.
هذا المكان الوسط هو عالمي الذي يمر به كل أولئك العابرون، تاركين ملامحهم المتحركة والمتبدلة في أعمالي، كما رأيتهم
كما أحبوني أن أراهم ...
وها أنتم اليوم تستحضرونهم من جديد».
تحت هذا العنوان الكبير افتتح الفنان التشكيلي محمد علي مساء الأربعاء 18 شباط 2009 معرضه الفردي الأول، وذلك في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق بالتعاون مع مبادرة «الفن الآن». ويأتي هذا المعرض بعد مجموعة من المعارض الجماعية التي شارك فيها الفنان داخل سورية وخارجها.
يعتبر الفنان محمد علي معرضه الفردي الأول بمثابة «مشروعه» الذي بدأ به منذ تخرجه من قسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بـدمشق سنة 2005 حتى العام الحالي 2009.
وفي تصريح لـ«اكتشف سورية» يقول الفنان محمد علي :«بدأت بالعمل على فكرة الثلاثي ووصلت بها إلى أبعد الحدود التي استطعت الوصول إليها، لأن كل إنسان عندي هو ثلاثي، فعالجت هذا الموضوع باللون، وتابعت ذلك في استخدام التقنيات المتنوعة سواء كان زيتي أو فحم أو إكريليك، وعملت على الخشب والقماش وغيرها..». وقال:« إن هذا المفهوم نفسي وداخلي له علاقة بأن كل شخص يكون في ثلاث حالات هي الطبيعية والفصامية والحالة المكتسبة التي يعيشها في حياته، وهذه كانت حجتي في تقديم شيء بصري ضمن مشروعي الدراسي الذي أجسده اليوم في أعمالي التشكيلية».
يقف الفنان محمد علي بذاكرته عندما يقوم باستحضار أشخاصه من المكان الوسط بين البعيد والقريب، فالبعيد لن يساعده في رؤية ملامح أشخاصه فيكون بذلك التجريد بعينه، وإذا اقترب فسيرى الفنان الكثير من التفاصيل، ولذلك وقف الفنان محمد علي في منطقة الوسط حيث يحمل الشخص عندها تعابيره، وقد تضيع هذه الملامح حينها أو قد تظل، وعندما أكثر الفنان من العمل على هذه الطريقة وصل إلى ما لا يمكن نسبه إلى شكل تام ولا حتى إلى شكل تجريدي تام فعاد الفنان إلى الحالة الثالثة وهي الوسط. وعندما بدأت قوة الألوان تظهر في لوحاته بقوة أكبر فكأنه أحرق شيء في الذاكرة واستحضر في المقابل شيء آخر من هذه الذاكرة.
ويحدثنا الفنان عن استخدامه للألوان:«بدأت العمل على اللون الرمادي بدرجاته المختلفة، ثم كانت دراساتي تحتوي على الأبيض والأسود والخط والإشارات، إلا أن الرسم أصبح يحرضني على اللون الصافي أكثر وبقوة كالأحمر والأزرق، وهذا نوع آخر ومختلف من الكتابة الفنية بقرار تام مني في استخدام هذه الألوان».
وكشف أن عمل الفنانين ووصولهم إلى بناء الشكل بلمساتهم لإيصاله إلى التعبيري قد لفت انتباهه، واستفاد من هذا الأمر بالعمل بشكل مناقض،فقلب هذه النظرية ليكون عمله ليس تجريدياً ولا تعبيرياً.
وحول ما يريد الفنان العمل عليه مستقبلاً قال: «بعد انتهائي من هذا المشروع الذي عملت عليه وعشته حوالي خمس سنوات أوصلني إلى أمور كثيرة وأصبحت الآن مستعداً للعمل على أمور كثيرة إلى جانب مشاركاتي مع مبادرة «الفن الآن» الذي يضم الكثير من مشاركات الفيديو آرت، ومتابعة المشاركة في المعارض خارج سورية أيضاً».
وحول انطباعه عن المعرض الأول للفنان محمد علي يقول الفنان الـتشكيلي نهاد كولي: «إن الفنان محمد علي فنان مجتهد، وتأخر في تقديم معرضه حقاً ولكنه صبر وعمل كثيراً على هذا المشروع حتى وصل إلى نتائج مهمة يمكن عرضها على حالها الآن، وتظهر أمامنا كيف كانت ملامح الإنسان في لوحة الفنان محمد علي شبه واضحة إلى أن تنتهي بلوحة تجريدية مبهمة الملامح. ويضيع الشخص فيها بين الألوان ويتحول إلى كتلة تجريدية وهذا من العوامل التي أنجحت مشروعه، إضافة إلى أن بناء اللوحة عنده يتسم بالجمالية نتمنى له كل النجاح في هذا المعرض الأول».
|