لوحة للسمان منفذة برؤية فائقة التوافق والانسجام 13/كانون الأول/2008
«دمشق القديمة» لوحة للفنان عبد الرزاق السمان -أستاذ مادة الرسم والتصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق-، منفذة بالألوان المائية الشفيفة، وبرؤية فائقة التوافق والانسجام، وعلى قدر كبير من الحساسية في التعامل مع تقنيتها وموضوعها.
سبق للفنان السمان -وهو ابن دمشق القديمة - أنّ نَفذَ مجموعةٍ من اللوحات المائية والزيتية لمدينته التي أحبها، وحاول أنّ يَعكسُ هذا الحب في أعماله، كما نفذَ سلسلة من اللوحات لمدينة باريس القديمة، حيثُ تَابعَ تخصصهُ العالي في مجال الرسم والتصوير، وقدَّمَ رؤيته الخاصة والمتميزة للمدينتين ونسيجهما العمراني القديم في معرضٍ فردي أقامه في دمشق دعاه «بين دمشق وباريس»، ضمّنه عِشقهُ وتعلقهُ بالعمارة القديمة، وهو ما فعله في اللوحة المنشورة جانباً المأخوذة لمقطع معماري في إحدى حارات دمشق القديمة، عالجهُ بصيغةٍ واقعية مُبسطة ومختزلة، وبألوان هادئة استلها من اللونين البني والأصفر ومشتقاتهما، ما مَنح عناصر اللوحة إحساساً عميقاً بالدفء الذي يتفرد به مناخنا الشرقي بشكل عام.
يتألف التكوين في اللوحة من كتلة البيوت المُسيطرة على مُعظم مساحتها، حيثُ لم يترك الفنان السمان سوى مساحة صغيرة للخلفية، ممثلة بالسماء التي بدت في الأعلى غارقةً هي الأخرى بتأثيرات اللون الرئيس في اللوحة.
كتلةُ التكوين هذه كانت لتبدو ثقيلة لولا التفصيلات المعمارية الكثيرة التي زرعها الفنان السمان في بنيتها العامة، والمتمثلة بالأبواب، والنوافذ، والبروزات، والسماكات المعالجة بإتقان، كما سَاهم بتحريك كتلة التكوين ومنحها شيئاً من الحيوية تباينات الألوان وتدرجاتها بين الفاتح والغامق، والتأني في وضع اللمسة اللونية وهندستها، بحيث تتماشى مع خصيصة النسيج العمراني المعالج، وتتمكن من الإحاطة بهيكلية عناصره، ومن ثُمَّ التعبير عنه بلغةٍ بصرية واقعية قادرة على النفاذ بعيداً، والتقاط جماليات هذه العمارة المتفردة وعكس دلالاتها ورموزها بأبهى صورة وأعمق شكل.
|