أديبات عربيات يجتمعن في دمشق
26 10
الأديبة هي تلك المرأة المضطهدة التي تحتمل ظلم المجتمع
ملتقى الأديبات العربيات كان حلماً حققته الأديبة الدكتورة كوليت خوري، ياسمينة دمشق المزهرة دائماً وفي كل الفصول، ولطالما تمنت أن تجتمع الأديبات: «لأن الأديبة هي تلك المرأة المضطهدة التي تحتمل ظلم المجتمع وظلم حتى ذوي القربى، هي المرأة التي تصرخ بأصابعها وتزغرد بالدموع وتناضل بقلمها».
ولأن دمشق «بيتها الكبير» كان الجميع ضيوفها في لقاء ابتعد عن الرسمية وأخذ طابع «الود الإنساني» الذي يحتفي بالأديبة ويقدم لها الدعم «كي لا تشعر أنها وحيدة» في رحلتها التي اختارتها وهي تعرف أن طريقها وعرة في وطن عربي «ممزق ومملوء بالجراح» استطاع الملتقى تضميد شيء منها عندما حاكى وحدته المفترضة بلقاء أديبات أتين من بلاد الوطن العربي الكبير ليفيض المكان بمشاعر استثنائية عبرت عنها الأديبات على مدى يوم كامل، كانت ضاغطة كثيراً على كوليت خوري، التي منعها تواضع الأديبة والمرأة الخصب من التفكير بأن لها هذا التأثير عند الأديبات العربيات، اللاتي يفصل بعضهن عنها سنين كثيرة، وهن يستشهدن على المنصة بكتب وجمل قالتها في بدايات عطائها الأدبي.
لكن ضغط المشاعر وصل إلى أقصاه حين كانت تسوّغ غياب العراقية والمُجدّدة في الشعر لميعة عباس عمارة عن الملتقى، والتي جعلت من محاولة كبح الدموع مهمة مستحيلة حين غصت كوليت خوري وهي تردد علينا رسالة الاعتذار عن حضور الملتقى التي بعثت بها عمارة من الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعيش اليوم، «يبدو أنه كتبت علي الممنوعات. عندما كنت صغيرة منعت من السفر بسبب الفقر وعندما كنت شابة منعت من السفر بقرار سياسي وعندما أصبحت كبيرة منعت من السفر بسبب مرضي. فأنا ممنوعة من السفر على الدوام».
تنزع نظاراتها، تمسح دموعها وتتابع: «أنا لا أبكي إلا إذا تأثرت كثيراً من العاطفة الراقية، اكتشفت في هذه الجلسات التي حصلت اليوم أمرين مهمين: أولاً لم يخطر في بالي أن كتاباتي أثرت في أديبات شابات فبعضهن لم تكن ولدت بعد حينما بدأت الكتابة. الأمر الثاني اكتشفت أيضاً أنني كبرت»!، الأدب هو الصورة الحقيقية للمجتمعات والتاريخ بهذه الكلمات علقت كوليت خوري على ما قدمته العراقية هدية الحسين التي تعيش خارج وطنها منذ تسع سنوات، بعد أن قرأت وريقات من إحدى رواياتها الخمس التي لمسنا من خلالها الجرح العراقي.
لكن معرفة أخرى قدمتها الأديبات وهي تقديم البيئة بخصوصيتها واختلافاتها بين منطقة وأخرى كما قدمتها الأديبة السعودية شريفة العبودي، وفاطمة يوسف العلي من الكويت وربيعة ريحان من المغرب التي نشرت لها وزارة الثقافة السورية مجموعتها القصصية الثالثة، مثلما نشرت أول مجموعة للشاعرة ورئيسة اتحاد الكتاب اليمني اليوم هدى أبلان التي استطاعت أن تشد الحضور مثلما شدته السورية ابتسام الصمادي والعراقية نوال عباس.
وتسنت للحضور التعرف إلى شاعرات شابات، كسلوى بن رحومة من تونس، هدى العطاس من اليمن، أما التي سحرت الحضور بصوتها فكانت الشاعرة المصرية منى حلمي ابنة الباحثة الدكتورة نوال السعداوي التي أثار حضورها الملتقى الكثير من المشاعر، هي الخارجة تواً بانتصار من آخر معاركها مع القضاء بعد تجاوزها السبعين حين هددت بسحب جنسيتها المصرية، والتي دعتها كوليت خوري إلى المنصة لكي تقول كلمة «لم أدخل دمشق منذ خمس وعشرين سنة، فعلاً استعدت نفسي وشعرت أنني في وسط أهلي وأسرتي ووطني، إحساس جميل لا يمكن التعبير عنه بالكلمات، باختصار شديد أريد أن أقول أن هذه السيدة "كوليت خوري" هي من أتت بي إلى هنا، كلمتني وأنا في أميركا وأنتم تعلمون أنني خارج مصر منذ ثلاث سنوات بسبب قضية ضدي بسحب الجنسية بسبب كتاب "مسرحية"، فعملت أستاذة في الجامعة في أتلانتا حيث أدرس الإبداع والتمرد، وجاءني صوت كوليت خوري لتقول لي تعالي إلى دمشق اشتقنا إليك، كوليت معروفة عندنا بـ"أيام معه"»، تضيف «أنتم شعب قارئ، يقولون دائماً مصر تكتب وسورية تقرأ، أنا سعيدة لأنني أتيت ولأنني قابلت أكثر من ثلاثين أديبة وكاتبة من جميع البلاد العربية، نحن نعيش وحدة عربية.. الحكومات تقسمنا، الأدب والإبداع يصنع وحدة أدبية، فكرية واجتماعية، أشكر كوليت والمجموعة لأننا نجسد الوحدة العربية ومن دون الوحدة العربية لن ننتصر على إسرائيل ولا على غيرها».
الوطن