ديوان الموشحات السوريّة… حلب مهد إبداع الموشح
21 حزيران 2016
.
جاء في تقديم كتاب «ديوان الموشحات السوريّة» للباحث «أحمد بوبس»: «الموشح قالب غنائي عربي أصيل، بل هو أجمل قوالب الغناء العربي. وأصل الموشح أندلسي، انتقل إلى شمال إفريقيا ومن ثمّ إلى المشرق العربي بعد سقوط الدولة العربيّة في الأندلس. وكانت سورية أحد ثلاثة بلدان ترعرع فيها الموشح في المشرق العربي، إضافة إلى مصر ولبنان. وكانت حلب مهد إبداع الموشح في سورية الذي انتقل إليها بفضل جهود الموسيقي الحلبي الشيخ علي الدرويش الذي نقل إلى حلب التراث الموسيقي الأندلسي وبشكل خاصّ النوبات…».
حمل الكتاب أسماء الوشاحين السوريين الذين ساهموا في تكريس هذا النوع من الفنّ الغنائي في سورية، حسب الترتيب الزمني ابتداءً من «أبو خليل القباني، وانتهاءً بـ«زهير منيني»، مع ملاحظة ورود اسم الوشاح الفلسطيني «يحيى السعودي» بينهم أيضاً، وقد علل صاحب الكتاب هذا الوضع لكونه جزءاً أساسياً من الحركة الموسيقيّة في سورية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وسنستعرض الأسماء كلها بحسب ورودها في الكتاب.
أبو خليل القباني
موسيقي عبقري ومسرحي مبدع، رائد المسرح الغنائي العربي، ولد في عام 1833، بداياته الموسيقيّة كانت في حلقات الذكر والزوايا الصوفيّة ومنها تعلم بعض الموشحات، وتتلمذ موسيقيّاً على يد الفنان «علي حبيب»، ثم انتقل إلى حلب ليتعلم من الموسيقي «أحمد عقيل»، وأتقن هناك الموشحات، وتقسم مسيرته الفنية إلى 3 مراحل: الأولى من دمشق، والثانية في القاهرة، والثالثة في دمشق من جديد.
موشحاته: «أفرغ الروض علينا»، و«اليوم يا بدري نزيل الهموم»، و«آه من جور الغوالي»، و«أي ظبي لوا عني بعدا بالوصل تكرم»، و«بالنهاوند الكبير»، و«بدر حسن لاح لي»، و«برزت شمس الكمال»، و«راق أنسي»، و«شادن صاد قلوب الأمم»، و«شجني يفوق على الشجون»، و«صاح هات الراح»، و«عيد المواسم»، و«قم لنحو ألحان ولازم»، و«كيف لا أصبو لمرآها الجميل»، و«ما احتيالي يا رفاقي»، و«محبوبي اقتصد نكدي»، و«يا كم جفا وما رحم»، و«يا من رمى القلب وسار».
عمر البطش
عملاق الموشح العربي في القرن العشرين، أبدع مجموعة بديعة من الموشحات، إضافة إلى إبداعه في رقص السماح، ولد عام 1885 في حي الكلاّسة في حلب، امتلك صوتاً جميلاً، تتلمذ على يدي أقطاب الموسيقا في حلب مثل «أحمد عقيل»، و«أحمد مشهدي»، و«أحمد الشعّار»، و«صالح الجذبة»، أهم مراحل حياته رحلته إلى العراق والعمل في فرقة الشيخ «علي الدرويش» الموسيقيّة، والتدريس في دمشق في المعهد الموسيقي التابع لإذاعتها، فتتلمذ على يديه الكثير من الموسيقيين كعدنان وزهير منيني وسعيد فرحات وبهجت حسان. ومن أهم ما يمكن أن نذكره أيضاً أن سيد درويش تتلمذ على يدي عمر البطش وتعلم منه أساليب تلحين الموشح وأوزانه وإيقاعاته، أيضاً يمكن أن نذكر مرحلة تدريبه لكورس إذاعة حلب في غناء الموشحات مثل «صبري مدلل»، و«صباح فخري»، و«مصطفى ماهر».
موشحاته: «بين قاسيون وربوة»، و«حسنك النشوان»، و«داعي الهوى قد صاح»، و«رمى قلبي»، و«صاح قم للحان»، و«طف يا دري»، و«مفرد الحسن المبين»، و«فتاكة اللحظ»، و«يا عيوناً رامياتٍ»، و«يا معير الغصن»، و«إذا دعانا الصبا»، و«زارني تحت الغياهب»، و«سبحان من صور حسنك»، و«طال عمر الليل عندي»، و«طلعة البدر المنير»، و«مبرقع الجمال»، و«منيتي من رمت قربه»، و«يا قوام البان»، و«يمر عجباً».
الشيخ علي الدرويش
من أهم الموسيقيين العرب في العصر الحديث، مؤلف وملحن وباحث موسيقي عمل على تطوير الموسيقا العربيّة، وحفظ تراثها من الضياع من مواليد مدينة حلب 1884 بدايته كانت من تكايا حلب فحفظ الأذكار والأناشيد الدينيّة، ثم تعلم الموشحات على يدي الموسيقيين «أحمد الشعار»، و«أحمد جنيد». درس الموسيقا العراقية والتركية والفارسية، وبحث في الموشحات من عهد الأمويين والعباسيين والأندلسيين. ودرس رقصة السماح وموشحات أبي خليل القباني. ومن أهم محطات حياته السفر إلى تركيا وإلى مصر والعراق وتونس والمشاركة في مؤتمر الموسيقا العربية عام 1932 وجولته في أوروبا للاطلاع على الموسيقا هناك.
موشحاته: «يا ساكناً بفؤادي»، و«مائس الأعطاف أزرى»، و«هل لمفتون العيون السود»، و«يا قاتلي بالتهديد»، و«آه من نار جفاهم».
مجدي العقيلي
باحث موسيقي ولد في حلب 1917 وتعلم الموسيقا على يد الشيخ «علي الدرويش»، و«عمر البطش»، و«بكري الكردي». تعلم العزف على العود، وأحاط بالنغمات والأوزان الموسيقيّة وقوالب الغناء العربي، ومنها الموشح، وصنع آلة موسيقيّة جديدة هي «الغانغيران» مصنوعة من الخشب ووجهها من الجلد، تجمع بين آلتي العود والفيولونسيل. سافر إلى روما وترأس القسم العربي في إذاعة باري، وتعلم هناك قواعد وعلوم الموسيقا الغربيّة. درّس الموسيقا في مدارس حلب ودار المعلمين مدّة 3 سنوات، ثم سافر إلى الأردن لتشكيل فرقة موسيقيّة للجيش، ثم عمل كمراقب موسيقي في إذاعة دمشق عام 1947، ثم عيّن مديراً لإذاعة حلب عام 1949، ثم مديراً للمعهد الموسيقي الشرقي في دمشق، كما درّس في ثانويات دمشق ودار المعلمين، ومستشاراً موسيقيّاً في التلفزيون العربي السوري. حاز مكانة عربية مرموقة بسبب أبحاثة ونشاطه الموسيقي واطلاعه الواسع فيها.
موشحاته: «أيها الساقي»، و«جادك الغيث»، و«أيا دارها بالحزن»، و«طال ليلي»، و«لو كنت تدري».
عدنان أبو الشامات
يعدّ موسوعة في الموسيقا العربيّة ومقاماتها وأوزانها وإيقاعها. يعمل على إحياء التراث الغنائي العربي واستمراره، من مواليد دمشق 1934 درس الموسيقا في المعهد الموسيقي الشرقي في دمشق وتعلم قراءة النوتة والإيقاع على يد «حسن دركزللي»، والصولفيج عند «إيليا سرمندس»، والموشحات عند «سعيد فرحات»، والأدوار والأنغام الشرقية من «يحيى السعودي»، تعلم العزف على العود على يد «فؤاد محفوظ»، و«محمد النحاس»، والكونترباص على يد «فيليكس خوري». شارك في الإنشاد الديني، ودرّس الموسيقا في المعهد الأهلي للمكفوفين، شكّل فرقة للموشحات ورقص السماح. عمل في إذاعة حلب، وأول ألحانه كانت هناك، فلحن لـ«حمام خيري»، و«صباح فخري»، و«مصطفى ماهر»، و«سحر ومها الجابري»، وسمير حلمي»، و«بسمة ووداد محمد». فيما بعد عمل في مديريّة المسارح والموسيقا، وتولى رئاسة الفرقة الموسيقيّة لفرقة أميّة للفنون الشعبيّة، أسس فرقة الأنغام العربيّة وتولى قيادتها، وشاركت في العديد من المهرجانات.
موشحاته: «اشرب على نغمة المثاني»، و«أيّها الوجه المنير»، و«خليلٌ لي سأهجره»، و«ذات حسن»، و«فاتني بالهجر»، و«لو علمتم يا رفاقي»، و«ما لبدري»، و«هاتها يا صاح»، و«هل وفى بالعهد خلّك».
يحيى السعودي
موسيقي فلسطيني، ولد في القدس 1905، تمتع بصوت جميل، تعلم عزف العود بنفسه، لكنه نجح في الغناء أكثر، فحفظ الكثير من الموشحات والأدوار والقصائد. درس النوتة الموسيقيّة والمقامات والأوزان والإيقاعات على يد «يوسف بتروني»، من مؤسسي إذاعة القدس 1936 وشكّل فيها فرقة موسيقيّة تولى قيادتها، انتقل إلى سورية بعد النكبة 1948 وعمل مراقباً موسيقياً في إذاعة دمشق، وتولى رئاسة القسم الموسيقي فيها، وعمل مدرّساً ومديراً في المعهد الموسيقي الشرقي في دمشق، سجل العديد من الأغاني لإذاعة دمشق، كما وضع العديد من الألحان وممن غنوا من ألحانه: «ماري جبران»، و«كروان»، و«هيام محمد»، و«بدر الدين الجابي»، و«ياسين محمود»، و«أحلام زينب».
موشحاته: «أنشدي يا صبا»، و«سلم الله»، و«ليت من طير نومي»، و«هات اسقنيها»، و«يا ظالمي حقّاً»، و«يا ليلة الوصل».
بهجت حسان
ملحن مبدع تخصص في تلحين الموشحات ورقص السماح. يعدّ امتداداً لعمر البطش، فقد تتلمذ على يديّه، ولد في حلب 1927 ومنذ طفولته كان حاضراً في حلقات الصوفيّة فتملكت منه الموسيقا، وتعلم أصول التلحين من «عمر البطش»، وأخذ عنه القدود الحلبيّة، وتلقى الدروس في المعهد الموسيقي الشرقي في دمشق. خطوات التلحين الأولى بدأت في إذاعة دمشق، ثم عمل في إذاعة حلب، ولحن لمطربيها. شكّل العديد من الفرق التي قدّمت الموشحات ورقص السماح، مثل: فرقة مدرسة دوحة الأدب، فرقة معاوية، فرقة المسرح العسكري لرقص السماح، سافر في مهمّات خدمت توجهاته الموسيقيّة إلى النمسا ومصر وتركيا وإسبانيا وإيطاليا وإنكلترا وهنغاريا وروسيا وأبو ظبي وعدد من الدول الإفريقية.
موشحاته: «أعطني الناي وغنِّ»، و«رب ليل»، «روعتني ظبية»، «نسمة الفردوس»، «يا صبا الأسحار»، «يا غزالاً قد جفاني»، و«يا كحيل العين عجّل»، و«بسم الزهر»، و«صاح هات الزّق»، و«فاتن الأجفان»، و«ما لألحاظك الصحاح»، نسيم غرناطة عليل»، و«من طالب».
عبد القادر حجار
تربى موسيقيّاً في مدرسة عمر البطش»، ولد في حلب 1917، تميز بجمال الصوت ورخامته منذ طفولته، وتعلم الموسيقا والموشحات وأوزانها وإيقاعاتها وتمكّن من فنّ الموشّح وأبدع فيه، شكّل فرقة موسيقيّة وتريّة لتقديم الموشحات، لحن مجموعة بديعة من الموشحات.
موشحاته: «سلّ ما بدا لك»، و«يا غزالاً باللواء».
نديم الدرويش
من إعلام الموسيقا في حلب، والده الشيخ علي درويش الذي تحدّثنا عنه أعلاه، عزف على العود، وعمل ملحناً ومؤلفاً موسيقيّاً، ودرّس الموسيقا في معاهد حلب، ولد في مدينة «قسطموني» التركيّة عام 1926، تتلمذ على يدّ والده، وأجاد كتابة النوتة الموسيقيّة، وأغنى الحركة الموسيقيّة في حلب، قدّم العديد من الحفلات من أهمها حفلتان في ألمانيا بتكليف من المعهد الدولي للموسيقا المقارنة ببرلين، ولحّن للعديد من المطربين السوريين مثل: «مصطفى ماهر»، و«سمير حلمي»، و«بسمة وجميلة سمعان»، و«شادي جميل»، بالإضافة لألحان عدد من المسرحيات لفرق حلب المسرحيّة.
موشحاته: «بدت لنا».
ابراهيم الدرويش
شقيق «نديم الدرويش»، ولد في مدينة «قسطموني» التركيّة عام 1924، تتلمذ على يد والده وأخذ عنه الكثير من العزف على آلة العود والمعارف الموسيقيّة. درس آلة الكمان على يد الموسيقي الروسي «ميشيل بوزرنكو»، سافر إلى القاهرة وانتسب لمعهد فؤاد الأول للموسيقا العربيّة، ودرّس في دار المعلمين في حلب، وفي معهد فؤاد رجائي وفي معهد حلب للموسيقا. وعيّن موجهاً تربويّاً للموسيقا في المنطقة الشماليّة والشرقيّة. وضع مجموعة من الألحان وخاصّة في الموشح، كما لحن الأغاني لمطربي حلب.
موشحاته: «ليلنا حلو»، و«إني أهيم»، و«هذه الكاسات».
عدنان منيني
اشتُهر بتلحين الموشحات في سورية، ولد في حي الميدان في دمشق عام 1933، انتسب للمعهد الموسيقي الشرقي، وتعلم العزف على العود، والنوتة الموسيقيّة، وأصول التلحين والموشحات وأوزانها ورقص السماح. درّس فيما بعد في المعهد نفسه، عرف بجمال صوته خاصة في الموشحات، شكّل مع أخيه «زهير منيني» فرقة فجر الأندلس للموشحات، وضع دراستين الأولى بعنوان «دراسة في الموشحات الأندلسيّة والشرقيّة»، والثانية «موشحة فجر الأندلس». لحّن مجموعة من الموشحات.
موشحاته: «أيها الساقي»، و«فجر الأندلس»، و«نسيم بردى»، و«موشح السماح»، و«صاح هات الكأس».
زهير منيني
من كبار ملحني الموشحات والأناشيد الدينيّة في سورية، ولد في حي الميدان بدمشق عام 1929، تلقى أصول الإنشاد الديني من فرق المدائح والابتهالات بدار والده. يمتلك صوتاً جميلاً جعله يشارك في العديد من الحفلات. تتلمذ على يد «سعيد فرحات» في المعهد الموسيقي الشرقي، وأخذ عنه فنّ الموشّح وأوزانه، وتعلّم النوتة من الموسيقي اللبناني «عبد الغني شعبان»، وأخذ المقامات الموسيقيّة من الموسيقي الفلسطيني «يحيى السعودي»، وتعلّم العزف على العود على يدّ «فؤاد محفوظ». انتسب إلى فرقة «عمر البطش» وتتلمذ على يديه، وتعلّم منه الضرب على الرق. شكّل فرقة للإنشاد الديني، وفرقة فجر الأندلس التي ذكرنا عنها أيضاً. اختص بتلحين نوعين من الغناء هما الموشحات والإنشاد الدّيني. وصمم عدداً من رقصات السماح بالاشتراك مع أخيه «عدنان».
موشحاته: «يا غزال الرمل»، و«يا كحيل العين».
عامر فؤاد عامر
الوطن السورية