فيلم «ليش» لسيمون صفية
24 تشرين الأول 2013
السؤال يبقى المنطلق الأول للتجديد
من النادي السينمائي في طرطوس كانت البداية لسيمون صفية، متفرجاً ومهتماً إلى أن أصبح واحداً من الصناع والفاعلين سينمائياً، ويبدو أن النادي الذي ما زالت عروضه السينمائية مستمرة منذ 31 عاماً، أنشأ أجيالاً محبة ومتابعة للسينما عبر تقديمه أفلاماً وتظاهرات سينمائية منوعة، حيث اعتاد رواده والمعنيون فيه حضور نقاشات وحوارات تعقب حضور الأفلام إضافة إلى ورشات العمل التي يقيمها النادي بمشاركة كبار السينمائيين السوريين، والغاية منها كما يقول صفية، وهو عضو في مجلس إدارة النادي، زرع بذرة لصرح تعليمي يعطي مبادئ فن السينما على أمل أن يكبر النادي ويتسع نشاطه علما بأنه بلا مقر حتى اليوم.
ويرى صفية، أن نشاط النادي لقي رواجاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حتى إن المؤسسة العامة للسينما اختارت من أصل 10 أفلام لدعمها عبر مشروع «دعم السينما الشابة» 3 أفلام لأعضاء في النادي وهي (أحلى من الـ G لـ دانيال الخطيب، عمريت لـ غادة زغبور، وليش !!؟ لصفية). من هنا حاول كثر في النادي نشر فكرته في بقية المحافظات.
أما فيلم «ليش» للكاتب أكثم ديب، والذي انتهت عمليات تصويره مؤخراً، فهو يعيد طرح موضوع الزواج المدني، يعالج الفيلم بحسب مخرجه نظرة المجتمع تجاه فكرة الاختلاف مع الآخر، والحواجز التي ربما يتم وضعها بالنتيجة.
ولأن النص فرض صيغة إخراجية معينة فقد كان لا بد من التعامل مع ذلك بشكل مقبول للمتفرج مشهدياً، يقول صفية: «تعاملت بطريقة كلاسيكية إلى حد ما مع بعض التجريب لنضمن وصول الفكرة إلى المشاهد بشكل صحيح ولاسيما أن النص فيه لعبة زمنية وأحداث متنوعة، ويفترض أن يسأل المتابع نفسه «ليش» عند تفاصيل كثيرة في الفيلم، والسؤال هو المنطلق الأول للتجديد في أي مجتمع».
العمل صوّر في صافيتا، التي تتوافر فيها مقومات جمالية للسينما إضافة إلى توزعها الديموغرافي الذي يتناسب مع الفيلم، وهو من بطولة الممثلين رشا بلال، علي رمضان، محمد حسن، ردينة حسين وآخرين.
عمل صفية مخرجاً منفذاً في فيلم «29 شباط» مع المهند كلثوم، إضافة إلى عدة تجارب ومشاركات، وإن كان أبرزها فيلم «ليس مجرد تفاحة» الذي كتبه وأخرجه ضمن ما يعرف بفيلم الدقيقة الواحدة، وشارك في عدة مهرجانات تختص بنوعه، علما بأنه لم تحصل في سورية بعد تظاهرة أو فعالية مختصة بهذا النوع السينمائي، والبعض يرى أنه من غير المجدي الحديث عن هذه الأنماط السينمائية الجديدة في بلد متواضع، سينمائياً، كحالنا على حد قوله.
مضيفا أن صناعة هذه السينما «أي الدقيقة الواحدة» ليست بالصعبة لكنها ليست سهلة كذلك، وهي تعتمد على تكثيف الأفكار بصرياً، ولها أسلوبية تفكير وكتابة مختلفة عن غيرها، يمكن أن نشبهها بقصيدة النثر التي وضعت الإنسان أمام أسئلة كونية كبرى.
ويشير صفية إلى وجود العديد من المشروعات السينمائية والنصوص بانتظار أن يوجد لها التمويل اللازم بعدَ أن تخلت رؤوس الأموال السورية عنها إضافة إلى مشكلة في الترويج لنتاجات الشباب على تواضعها، فصناع السينما، أيا كانوا، بحاجة إلى وسائل إعلام توصلهم للجمهور، وبحاجة أيضاً لمزيد من الوقت والخبرة، والملاحظ أن الشباب السينمائي السوري لا يلقى دعماً إعلامياً مناسباً.
ويرى أن العاملين في مجال السينما من الشباب السوريين كثر، وإن كانوا مغيّبين في الإعلام المحلي، ولهؤلاء مشاركات تستحق العرض والتقييم، والسينما السورية قادرة على تحريض الناس وتطوير النقاش حولها، وهو ما سيولد التغيير الاجتماعي الذي يبحث عنه كصانع سينما. كما أن غياب أكاديمية للسينما سيجعل العمل السينمائي والتلفزيوني محصوراً ضمن إطار معين، قد يتعداه قليلا باجتهادات شخصية لكنه لا يغني عن صرح علمي يدفع للبحث والتجريب بناء على أصول ومعايير مدروسة، لافتاً إلى أن السينما السورية ستبقى عرجاء مادامت بلا قاعدة تعليمية، فأبناؤنا يدرسونها في دول ذات طبيعة حياة ومجتمعات بعيدة ومختلفة عما لدينا.
صحيفة تشرين السورية