المدخل إلى الموسيقا.. بحث تحليلي بقلم الموسيقار سليم سروة
19 تشرين الأول 2013
يسلط الباحث سليم سروة في كتابه «المدخل إلى الموسيقا» الضوء على فلسفة وتحليل العلم الموسيقي ضمن قواعد سهلة مرفقاً معها الرسومات الهندسية المعبرة لتصل إلى المتعلم بشكلها الصحيح والسلس مبيناً أقسام علم الموسيقا الفلسفي الروحي وعلم الصوت الموسيقي بما يتضمنه من الصولفيج «علم النوتة المدون» المتعلق بالعزف والغناء.
يقول سروة إن علم الصوتيات بشقيه السمعي والزمني هو علم مهم في فن الموسيقا يشمل كل ما يتعلق بالظواهر الطبيعية للصوت وطوابعه المختلفة وصفاته وخصائصه المميزة في قراءته وتدوينه وأهمها الدرجة.. الشدة.. الطابع.. التولد «سلسلة النغمات التوافقية».. المد والقطع الزمني الثلاثي والسكون فيه.. السكون.. الصدى.. والرنين.
ويضيف: «يبنى هذا العلم على قوة إدراكنا فيه وشدة حساسيتنا به وقوة ملاحظتنا وسرعة البديهة ولا بد من الاعتراف بأن الإبداع الموسيقي يحتاج إلى موهبة خلاقة خاصة تدخل إلى عالم الروح لتستعير منه الهدوء والطمأنينة وتخرجها بشكل صوتي منسجم يتلقاها الجميع بفرح وسعادة».
ولا يقتصر هذا البحث على التعريف بالمصطلحات الموسيقية بل يتعداها إلى تتبع تاريخ الموسيقا عبر العصور ابتداء من العصر السرياني الجاهلي مروراً بعصر المعرفة السريانية والعصر الجاهلي العربي في شبه الجزيرة، إلى عصر المعرفة الإسلامية العربية إلى جانب توثيق تاريخ الموسيقا في العصور الغربية الأوروبية، من الإغريق والرومان إلى العصر المسيحي والرومانسي والقوطي وعصر النهضة، مروراً بالباروك والكلاسيكي والرومانتيكي وانتهاء بموسيقا القرن التاسع عشر.
ويركز الباحث سروة على وضع الأساسيات لعلم قراءة النوتة الموسيقية وطرق كتابتها معرفاً بالأبجدية الموسيقية، كما يحب أن يسميها ابتداء من الأصوات السبعة الرئيسية والسلالم الصوتية، مؤكداً على أصول الموسيقا وقواعدها العامة بما في ذلك المدرج الموسيقي والنوتات وطرق التدوين والمفاتيح الموسيقية، وكيفية توزع الأصوات والآلات الموسيقية وأساليب تكوين السلالم الموسيقية ومقارنة ذلك بين الشرق والغرب.
كما يقدم هذا الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن سلسلة دراسات موسيقية، الكثير من التفاصيل المهمة حول الموازين الموسيقية وأنواعها وعلاقتها بالتدوين، ليشرح بعدها أنواع المقامات وعلاقتها بالإبداع والارتجال إذ يقول سروة: «التقاسيم هي صورة من صور الإبداع الفوري التلقائي، وهي بمثابة ارتجالات والارتجال بصفة عامة قدرة على العطاء والإبداع والخلق وربط الفعل بالتفكير اللحظي المبتكر مع حسن الأداء والتصرف، والارتجال الفوري للتقاسيم هو الجمع بين التفكير الموسيقي والأداء في آن واحد».
ويضيف صاحب كتاب «المنهج التعليمي لآلة القانون الموسيقية»: «لقد مثلت التقاسيم المرتجلة في الموسيقا العربية أعلى مراتب العزف لما تميزت به من مهارات متميزة وتقنيات عالية في الأداء إذ لا بد أن يتمتع العازف بإدراك واع لمختلف الانتقالات المقامية مع براعة في طريقة العرض، لذا فإن فن التقاسيم ظاهرة فنية بالغة الأهمية فهي تمثل الاندماج التام بين الحرية الفردية والعزف الموسيقي وبين الابتكار التلقائي والارتباط بالتقاليد، كما أنها قمة الإضافة الذاتية التي يسهم بها المؤدي المبتكر في تيار الموسيقا التقليدية الفنية».
ويتضمن الكتاب أيضاً تحليلاً شاملاً للإيقاعات مع شرح كيفية لفظ العلامة الإيقاعية وتسميتها بالعربية وطريقة تدوينها موسيقياً مقدماً اثنين وتسعين إيقاعاً مكتوبة متدرجة بحسب تداولها وطول زمنها، ابتداء من إيقاع الفوكس مروراً بالهجع والفالس والوحدة المتوسطة والوحدة الكبيرة والمدور الحلبي وانتهاء بإيقاع الرمل والثقيل المصري والزنجير التركي وغيرها الكثير.
ويختتم سروة بحثه بنبذة تاريخية عن الآلات الموسيقية بشقيها العربي والغربي مبيناً مزاياً تلك الآلات وتصنيفاتها وإمكاناتها الصوتية وقدرتها على نقل المشاعر والطقوس التي كانت تستخدم فيها وكيفية نشوئها.
يذكر أن الموسيقار سليم سروة 1932/2011م يعتبر من أهم العازفين على آلة القانون في الوطن العربي إضافة إلى موهبته في التلحين والتأليف الموسيقي فهو قائد فرقة موسيقية ومدرس لآلة القانون والصولفيج لأكثر من خمسين عاماً كما أنه عضو مؤسس في نقابة الفنانين السورية.
ولد في دمشق لكنه بدأ مشواره الفني في حلب وهو دون سن العاشرة.. تتلمذ على يد كبار العازفين المصريين واللبنانيين تحت إشراف والده باسيل سروة وشكل فرقة موسيقية خاصة أسماها «فرقة دمشق» رافقت كبار المطربين في الحفلات والمهرجانات السورية والدولية، وعزف منفرداً بأكبر دور الأوبرا والمسارح العالمية وأدهش الجمهور بتقاسيمه المنفردة كما تسلم رئاسة دائرة الموسيقا في الإذاعة السورية، وهو حاصل على شهادة دبلوم في الموسيقا من معهد حلب، وترك الكثير من الألحان وصل عددها إلى 1200 لحن غنائي و250 معزوفة موسيقية وحصل على الكثير من شهادات التكريم والأوسمة من سورية وسائر البلدان العربية والأجنبية.
بديع صنيج
سانا