رواية جبل النهاية: رؤية غرائبية عن حياة البشر

04 تشرين الثاني 2012

.

تحمل رواية جبل النهاية لفواز عزام رؤية غرائبية عن حياة البشر منذ بداية الخلق وحتى النهاية عبر تراكيب روائية أبرزت أهمية التصدي للإنسان الذي يتخلى عن إنسانيته بغية الوصول إلى ما سماه الخير السامي معطياً أهمية كبرى للمكان باعتباره شاهدا أساسيا على الأثر النفسي والاجتماعي والتكويني للرواية مثل اعتماد الجبل كبيئة حاضنة للأحداث اضافة إلى الكهوف والمزرعة التي أثرت في المجريات.

ويعمل الروائي عزام على إسقاط كثير من الأساطير التاريخية ومضامين الكتب السماوية باسلوب رصين يشبك بينها وبين الواقع الاجتماعي والأخلاقي متحدثاً عن بعض المعتقدات الخاصة كالتقمص الذي اشار اليه في حالة الحب بين سامح ودلال عندما قال إنها طيف سحر يعود إلى سنوات بعيدة وأماكن أخرى أشار إليها في الرواية.

ويقترب بطل القصة آدم من الطبيعة أكثر من الانسان ليبدأ رحلة الصراع مع مكوناتها فتتمحور حوله أحداث الرواية والمصاعب والمتاعب التي عاناها قبل أن يرى شيئا جاء من المجهول عبر السماء يحمل عبارة فحواها الله التي نزلت لتكون عنوان الايام القادمة والأخيرة إذ تتردد على مسمع آدم وهو يدخل في بهو الكهف جملة سبعة أيام ستنتهي الحياة.

وتتعاقب أحداث الرواية متمثلة الفلسفة الوجودية كما في فكرة العقل نور إذا جهل في حاضره عن فهم الأبد والعقل ظلام إذا أمسك ماضيه في حاضره الأزل ليقرع من خلالها عزام نواقيس الخطر عبر ترنيمات تهز مشاعر من يقرؤها ليستحضر بعدها ما يدل على خفايا قد تخرج من مجهول الأرض وأسرارها فيقول.. إنها الأرض تنحني لجلال الرعب فيها.

وتبدأ الرواية بالاتكاء على التفكير بالكون وأبعاده وما يدور فيه من متناقضات وجدت لخدمة الكائنات الحية وذلك من خلال حالة عاشها سامح ودلال معزولين عن البشر وشعرا انها من امتع لحظات العمر واعذبها وان ما دار بينهما برأه الكاتب من أي فاحشة واعتبره نتيجة سمو روحي ستبدأ من خلاله حياة كائنات أخرى لذلك كان لابد من هذه العزلة الكونية المليئة بالسكينة والمشاعر.

ويتابع عزام أحداث روايته حيث يبدأ آدم قصة حب غريبة مع طفلة تدعى قمر شاهدها بصحبة ابيها حسان وعندما أصبح آدم في العاشرة من عمره أمسك بيد قمر وهي تسير بجانب والدها ولم يتركها إلا بعد ثلاثة أيام وهو يناجيها دون كلام وبعد ذلك فوجئء الأب بعبارات غريبة يرددها آدم باستمرار بدي اتجوز قمر لتستمر رحلة شقاء يعيشها بطلا الرواية آدم وقمر.

ويختفي آدم ولا أحد يعرف ما سر اختفائه واختفاء قمر وهل هناك ارتباط بينهما ام لا ليستعيد الروائي الحالة الدرامية والعاطفية واصفاً الحب الذي يعيشه آدم وقمر عند لقاءاتهما فيوظف الخيال والمخاتلة البصرية ليحقق فنية جديدة مرتبطة بسرد الحدث ولاسيما أنه يحرك صراعا بين الحق والخير من جهة وبين الحقد والكراهية من جهة أخرى وتحتدم المعركة بينهما.

ويرى عزام أن الشر له وجود كبير بين الكائنات والخلائق فكثير ما تكون له الغلبة ثم يعمل على اسقاط الشر وذلك خلال انتصار الطاهر على الأعور اللعين موضحا من خلال مواقفه وحواره مع الرجل الطاهر أن الجهل والكراهية إلى زوال أمام قوة الحق المرتبطة بالخالق.

ثم تبرز الرواية كيف يتراجع عدد الكائنات البشرية بسبب الظلم والحروب فيجلس آدم على باب الكهف يبكي وحدته فتأتي حبيبته قمر كحورية ليرفع بصره إليها ناهضاً من خيبته حيث يبين عزام ضرورة تحقيق العدالة في طرح أي منظومة تتكون من الحراك الاجتماعي الذي تؤسس له ثنائية الذكر والأنثى.

وتتماسك الرواية في احداثها ومواضيعها التي تمحورت حول بطل واحد بتوازن موضوعي تخلله استطراد لم يتجاوز السطور القليلة ولم يمسس كثيرا بفنية الرواية التي أرادت أن تتحدث عن وجود الانسان ومصيره ومدى ارتباط هذا الانسان بالقيم الاخلاقية وانعكاس الشر الساكن داخله على وجوده.

يذكر أن الرواية من منشورت دار البلد تقع في 166 صفحة من القطع المتوسط.


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق