الرحالة أحمد الجبيلي يتحدث عن رحلته الطويلة في محاضرة بحلب

11 تموز 2011

بعد 24 عاماً من المشي على الأقدام في العالم، الرحالة السوري يعود إلى وطنه

في الثاني من شهر أيلول من عام 1987، حمل الرحال أحمد الجبيلي حقيبته وانطلق من مدينته حلب في رحلة سيراً على الأقدام إلى العالم ليعود بعدها إلى سورية في شهر أيار من عام 2011. أربعة وعشرين عاماً قضاها الرحالة الجبيلي يتنقل من مدينة إلى مدينة، ومن بلدة إلى بلدة عبر عدد كبير من دول العالم حاملاً رسالة محبة وسلام من سورية إلى العالم.


الرحالة أحمد الجبيلي

رحلة طويلة تحدث عنها الرحالة أحمد الجبيلي في مديرية الثقافة مساء يوم الأحد 10 تموز 2011، حيث تطرق إلى المشوار الطويل وأبرز ماء جاء فيه من محطات مهمة حيث كان لقاء لـ«اكتشف سورية» معه على هامش المحاضرة ليتحدث عن رحلته أكثر . وقد كانت البداية في قوله:«هل يمكن لشخص أن يحمل حقيبته على ظهره وينطلق في رحلة مجهولة النهاية من سورية إلى باقي دول العالم؟ هل يمكن أن يحمل شخص الوطن كله معه في رحلته التي تشرح أن هذا الوطن هو داعية للسلام ويحمل رسالة تاريخية إلى العالم؟. أستطيع أن أقول بأنه لدى أي شخص القدرة على القيام بهذه الرحلة، إلا أن الاستمرار بها يستلزم إيمانا عميقاً بالمسؤولية، وإحساساً كبيراً بالانتماء، وقدرة على التحمل وتجاوز الأهوال لدرجة يشعر فيها ها الشخص وكأنه ولد من صخر. كان دافعي للمتابعة هو إيماني الكبير وحبي الكبير لوطني سورية. من سورية ومن ثم إلى اليونان والتي انطلقت منها إلى جميع الدول الأوروبية ومن ثم إلى دول القارة الأمريكية والأفريقية والأوقيانوسية. عشت كل ظروف ومناخات أوروبا حيث مرت علي أيام كانت درجة الحرارة فيها تقارب الأربعين تحت الصفر الأمر الذي جعل الميزان الزئبقي في حقيبتي ينفجر ويسيل الزئبق على كل أغراضي، إلا أنني لم أتوقف وتابعت المسير».


من أسفار الرحالة السوري أحمد الجبيلي في العالم

آلاف الكيلومترات مشاها الرحالة على قدميه ليوصل الرسالة الصحيحة عن سورية حيث يقول بأن النظرة الغربية تجاه العرب كانت مضللة وخاطئة مضيفاً بأن معرفة هذا الأمر ساعدته على محاولة العمل على تغيير تلك النظرة بشكل كبير والطلب منهم زيارة الدول العربية لمعرفة الحقيقة ويضيف: «كانت الهدف الأساسي تقريباً من رحلتي هو إيضاح حقيقة الحضارة العربية وإبلاغ الناس بالرسالة الحضارية التاريخية التي تحملها سورية على وجه الخصوص وباقي الدول العربية عموماً. من خلال رحلتي وصلت إلى قناعة أن أجمل الأوطان هو وطني سورية حيث طفت العالم كله فلم أجد أجمل من بلادي. من خلال رحلتي التقيت بعشرات الرؤساء في كل القارات كما استطعت أن أجعل الملايين يحبون سورية ويبحثون عن كل المعلومات الخاصة بها، كما التقيت بعشرات الرؤساء وقادة الدول وإنني فخور أنه الآن من خلال هذه الرحلة قد كسبنا عشرات الملايين من الأصدقاء لبلدنا الحبيب حيث استطعت كمواطن عادي إيصال رسالتنا الحضارية للعالم الذي استجاب لها واحترمها وتضامن معها».

ويتابع: «مُنحت جنسيات شرف من ست دول في العالم، كما حصلت على عشرات من مفاتيح المدن والتي هي مفاتيح مدن وبلدات فخرية كنت أحصل عليها من كل بلدة أمر بها تقريباً. كما كنت أقوم بتقليد يقوم على زرع شجرة في كل بلدة أمر بها حيث كان الناس تتسابق لزرع تلك الشجرة وأخرى غيرها معي لما تمثله من قيمة إنسانية، ومع كل شجرة زرعتها كانت هناك لوحة تتحدث عن أن هذه الشجرة زرعت بيد رحالة سوري زار تلك المنطقة سيراً على الأقدام».


من أسفار الرحالة السوري أحمد الجبيلي في العالم

ويضيف الرحالة الجبيلي بأنه لو بدأ الحديث عن الرحلة بشكل تفصيلي، لاحتاج الأمر إلى 4 سنوات لسرد التفاصيل الكبيرة التي تحتويها، إلا أنه سيتحدث عن أبرز المحطات والمواقف التي مر بها في مسيرته الطويلة: «تعرضت إلى مناخات طبيعية صعبة، وتعرضت لحيوانات مفترسة وواجهت الموت والتعب مراراً. مشيت مرة مسافة 1360 كم في الصحراء واحترق جزء من وجهي. كثير من الدول عرضت علي النقل بالسيارات أو الطائرات، إلا أنني رفضت مع إصراري على المسير والمشي من أجل رسالتي حتى يفهموا عمقها ومغزاها. عندما يراك الآخر تضحي وتواصل المسير دون كلل إلى درجة السقوط على الأرض من التعب، سيعرف المحبة وأهمية رسالتي التي أحملها. ذات مرة مشيت 32 كم تحت الأمطار المنهمرة بلا توقف حيث حاولت التخييم إلا أن خيمتي غرقت أكثر من مرة. عندما تمشي لألف كيلومتر يخطر في بالي الكثير من الأسئلة والخواطر. يخطر في بالي عائلتي في حلب وأهلي ومدينتي وأقاربي وكل ما يثير الحنين، لكني في الوقت نفسه حاولت ألا أجعل تلك الأشياء تشدني إلى الوراء حيث كنت أجعل منها وسيلة للمتابعة».

وعن أبرز المواقف يتابع: «من الطرائف أنني صادفت في بلغاريا رجلاً يريد أخذ حذائي مع دفع الثمن الذي أرغب! فاجأني هذا الأمر وحاولت معرفة سببه، وبعد إصرار كبير عرفت بأنه يريد وضعه في متحف مع كتابة مقدار الكيلومترات التي مشيتها به إلى جانبه. ولا يزال الحذاء موجوداً في متحف في بلغاريا حتى اليوم. كما قامت الأمم المتحدة بعمل فيلم وثائقي عني في العام 1989 وتم توزيعه في دول العالم المختلفة باللغتين الإنكليزية والفرنسية. كما من الذكريات المميزة لدي هو أنني في رحلتي كنت أدعو لنزع السلاح النووي من الدول. هذا الأمر دفع باللجنة السوفييتي لنزع الأسلحة النووية لتكريمي بتسليمي قطعة من أول سلاح نووي تم صنعه في روسيا وهو السلاح "إس إس 4" والذي تم تفكيكه لاحقاً بموجب اتفاقية الحد من الأسلحة النووية، وقد سلموني مع القطعة شهادة منشأ ووثيقة تثبت خلو القطعة من أي إشعاعات نووية، كما قام التلفزيون الأمريكي بإجراء مقابلة معي رافقني فيها واحد من علماء الطاقة النووية والذي قام بالترجمة فيما بيننا».


من أسفار الرحالة السوري أحمد الجبيلي في العالم

ومن المواقف المؤثرة التي مر بها الرحالة هو رفضه لعرض تم تقديمه بمبلغ 480 مليون دولار أمريكي وعنه يقول: «تلقيت عرضاً من عدة شركات تجارية لوضع "لوغوهات" هذه الشركات على حقيبتي مقابل مبلغ وصل إلى 480 مليون دولار أمريكي آنذاك. وقتها، خفت من أن هذا الأمر سينتزع مني المبادئ التي كنت أنادي فيها في رحلتي ما دفعني لرفض الأمر رغم حاجتي الشديدة لتمويل رحلتي. كنت مخطئاً وقتها إلا أنني أصررت على موقفي عارضاً أن يتم التبرع بالمبلغ إلى منظمة اليونيسيف. مسؤولة المنظمة قالت بأنه يجب علي أن أقبض المبلغ بيدي أولاً ومن ثم أقدمه للمنظمة إلا أنني أصررت أن يقدم إلى المنظمة دون المرور بي. هذا الأمر دفع بالدكتور عصام الزعيم ليقول للمسؤولة كلمته الشهيرة: "يا سيدتي أن السوريين لا يساومون على المبادئ". وأصررت على عدم قبولي المبلغ».

ويضيف بأنه خلال جولته اطلع على الكثير من التجارب العلمية والثقافية والزراعية والتعليمية المفيدة للغاية والتي ستقدم عوناً كبير لعدة جهات في حال قرروا الاستفادة مما شاهد: «هناك أشياء لا يعرفها إلا من زار البلد، أود أن أكون جزءاً من العملية الإصلاحية التي تتم في البلد وأن أساهم في نقل خبراتي إلى بلادي وما رأيته في تلك الدول وأضعه تحت تصرف الحكومة السورية ضمن علية الإصلاح».


من أسفار الرحالة السوري أحمد الجبيلي في العالم

ويختم بالقول بأنه يجري العمل حالياً على فكرة إقامة معرض يحوي أغراض الرحلة التي استخدمها إضافةً إلى كل الجوائز والأوسمة وشهادات التكريم التي نالها في حياته وتجواله.
بقي أن نذكر بأن الرحالة أحمد الجبيلي هو من مواليد مدينة حلب عام 1956 وهو طبيب متزوج قرر أن ينطلق في رحلته حول العالم ليقدم للناس فكرة عن وطن كبير وذي حضارة مهمة للغاية وهو سورية.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الرحالة أحمد الجبيلي بعد 24 عاماً من المشي على الأقدام في العالم يعود إلى وطنه

صور من أسفار الرحالة الجبيلي عبر العالم

صور من أسفار الرحالة الجبيلي عبر العالم

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق