17/كانون الثاني/2007
تقع بلدة معلولا على السفوح الشرقية لسلسلة جبال لبنان الشرقية، عند الجبل الذي يحمل اسمها، وتبعد حوالي 50كم إلى الشمال ـ الغربي من دمشق. وتتميز بآثارها القديمة وكنائسها وأديرتها التي تعود في تاريخها إلى مطلع القرون الميلادية وترتبط بأسماء عدد من القديسين المشهورين في الشرق.
يصل ارتفاع هذا الموقع إلى 1720م فوق مستوى سطح البحر. كانت هذه البلدة تعود إلى حمص في العصور الآرامية، وفي العصر الروماني أطلق عليها اسم سيليوكوبوليس Seliocopolis وقد أصبحت منذ القرن الرابع الميلادي مركزاً لأسقفية دامت حتى القرن السابع عشر الميلادي.
تستمد معلولا شهرتها اليوم من ثلاث خصائص هي موقعها ومظهرها، الكنائس والأديرة التاريخية الموجودة فيها، واللهجة الآرامية المحكية من قبل سكانها. فموقعها في مدخل وادٍ عميق تتسلق المدينة جانبيه المنحدرين انحداراً شديداً، والذي يضيق في نهاية المدينة ليتحول إلى شق عميق وضيق يقطع صخور الجبل لينفذ إلى الجهة الثانية منه بعد حوالي 500م. وبسبب الانحدار الشديد لجانبي الوادي الذي تقع فيه معلولا فقد نحتت بيوتها في الصخر صعوداً مع السفوح بحيث تبدو هذه البيوت متراكبة فوق بعضها. ويتراوح عرض البيت الواحد ما بين 5 و8م وتغور في الصخر إلى عمق يتراوح ما بين 3 و4م.
تضم معلولا عدداً كبيراً من الكنائس والأديرة والمزارات والمصليّات. ومعظمها يعود إلى القرون الميلادية الأولى. ولايزال عدد من هذه المنشآت الدينية قائماً في حين تعرض بعضها إلى الخراب بمرور الزمان. وقد أحصيت فيها اثنتا عشر كنيسة من أهمها كنيسة القديس ليونتيوس (St. Leontius)، التي وجدت فيها فسيفساء يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، وكنيسة القديس الياس وكنيسة القديس جورج. وهذه الكنائس قائمة اليوم في مواضع كنائس بيزنطية قديمة. ومن الكنائس التي بقيت آثارها كنائس القديس سابا والقديس توما والقديسة بربارا.
على يمين مدخل الشق الجبلي يوجد الدير السفلي المكرس للقديسة تقلا (St. Thecla) التي يوجد ضريحها في كهف فوق الدير. ويروى عن القديسة تقلا أنها كانت ابنة أحد الأمراء من مدينة سلوقية وأنها سمعت في مدينة قونية، في آسيا الصغرى، وعظاً من القديس بولس وعاشت في كهوف جبال القلمون. وتنسب للقديسة تقلا خوارق وكرامات اقترنت بذكرها، وتعتبر من أولى الشهيدات في تاريخ الكنيسة. ويوجد على المسطح الذي يعلو الشطر الأيسر من البلدة دير مار سركيس (St. Sergius) الذي شيد في القرن الرابع الميلادي على بقايا معبد قديم يعود إلى العصر الروماني، ويمكن مشاهدة بعض هذه البقايا في جزء من الدير. والدير مسمى على اسم أحد الفرسان السوريين الذين اعتنقوا المسيحية وقتلوا في عهد ماكسيمانوس (Maximanus) في عام 297م. وبجانب الدير توجد كنيسة مار سركيس، وهي عبارة عن مصلى صغير فيه عناصر معمارية قد تعود إلى العصر البيزنطي. وتضم هذه الكنيسة أيقونات يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر الميلادي. ويلاحظ وجود بقايا أضرحة قديمة منحوتة في الصخر خلف الكنيسة.
إن اللهجة الآرامية المتداولة في معلولا حالياً تعود إلى أصول لغوية تطورت إليها اللغة الآرامية منذ القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي. ومن المعروف أن اللغة الآرامية مرت بعدة مراحل كانت أقدمها الآرامية القديمة التي استمرت من القرن الحادي عشر قبل الميلاد حتى منتصف الألف الأول الميلادي. وأعقبتها "الآرامية الإمبراطورية" التي عاصرت زمن الإمبراطورية الفارسية الأخمينية (530 ـ 330 ق.م). ودخلت اللغة الآرامية في مرحلة جديدة من مراحل تطورها من عهد المكابيين (عام 195 أو 164ق.م). وإلى هذه المرحلة المتأخرة تعود اللهجة المستعملة في معلولا والمنطقة المجاورة لها.
مراجع للاستزادة:
ـ يوسف نصر الله، الحوليات السورية 6 (1956)، ترجمة حسن كمال.
- Ross Burns Monuments of Syria, An Hisorical Guide, (London, 1994), pp. 145-6.
|